للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عندي حتى أريق دمه، أشهدكم أني قد غفرت له (١)). وقال صلى الله عليه وسلم لامرأة قتل ابنها في سبيل الله: (إن ابنك له أجر شهيدين، قالت: ولم؟ قال: لأنه قتله أهل الكتاب (٢))، والمرأة المذكورة هي أم خلاد رضي الله عنها، سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ابنها وهي متنقبة، فقالت: إن أرْزَإ ابنِي فلن أرزأ حياءي وفي هذا الحديث أن من قتله أهل الكتاب له أجر شهيدين، وروى أبو داود: (الغريق له أجر شهيدين (٣)). ذكره في كتاب الجهاد. قاله الحطاب. وفي التيسير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (من يسأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه (٤)). رواه عن الخمسة إلا البخاري. وقال صلى الله عليه وسلم: (من فصل في سبيل الله تعالى فمات أو قتل أو وقصته فرسه أو بعيره أو لدغته هامة أو مات على فراشه بأي حتف شاء الله تعالى فمات، فهو شهيد (٥)). رواه في التيسير عن أبي داود. ومما يجب اعتقاده حياة الشهداء المقتولين في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، وأنهم يرزقون عند ربهم لقوله عز وجل: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}، وقضية الآية الشريفة اتصاف هيكل الشهيد بالحياة حقيقة، وبه جزم بعض المحقّقين، كما أن ظاهره أنهم يرزقون مما يشتهون كما يرزق الأحياء بالأكل والشرب واللباس وغيرها وهو ممكن، فالعدول عنه من غير معارض غير لائق.

وقال بعضهم: الحياة للروح لا للجسد، وقال العلامة الجزولي: إن حياة الشهداء غير مكيفة ولا معقولة للبشر، يجب الإيمان بها على ما جاء به ظاهر الشرع، ويجب الكف عن الخوض في كيفيتها؛ إذ لا طريق للعلم بها إلا من الخبر، ولم يرد فيها شيء يتبين المراد منه. وقال الشيخ الأنصاري في حواشي تفسير البيضاوي: أكثر المفسرين أن حياة الشهداء ليست بالجسد، وقال ابن عادل: ويحتمل أن حياتهم بالجسد وإن لم نشاهد الجسد حيًّا، فلو لم تكن حياة الشهداء بالجسد لاستووا هم وغيرهم. انتهى. قال بعض المتأخرين: والنفس إلى ما قاله الجزولي أميل


(١) التيسير، ج ١ ص ١٧٢.
(٢) التيسير، ج ١ ص ١٧٢.
(٣) سنن أبي داود، كتاب الجهاد، الحديث: ٢٤٩٣.
(٤) التيسير، ج ١ ص ١٧٣.
(٥) التيسير، ج ١ ص ١٧٣.