للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموضعين مع أنه بصدد ما تجب به الفتوى، وإما أن يحمل كلامه هنا على الصغير الكتابي مميزا أم لا، وفيما يأتي على الصغير المجوسي وهذا هو الأحسن وهو الذي قررته به، أولاً؛ والله سبحانه أعلم. إلا أن يسلم؛ يعني أن الصغير الكتابي إذا مات قبل البلوغ لا يغسل ولا يصلى عليه، إلا إذا أسلم؛ أي أجاب إلى الإسلام بالفعل ويدخل فيه طائعا، فإنه يغسل ويصلى عليه لكونه مسلما تندب له الصلاة، وتجب الزكاة في ماله. كأن أسلم، ما تقدم في المسبي وما هنا إذا لم يسب؛ يعني أن الصغير إذا أسلم من غير سبي -والحال أنه نفر من أبويه الكافرين- ومات، فإنه يغسل ويصلى عليه، ولا مفهوم لهذا القيد؛ إذ لو أسلم وبقي بدار الحرب حتى مات غسل أيضًا. قوله: "كأن أسلم ونفر من أبويه"، هذا هو الذي صححه بعضهم، وقيل: لا يغسل ولا يصلى عليه. قاله الشارح.

وبما قررت علم أن قوله: "كأن أسلم" إلخ، لا فرق فيه بين الكتابي وغيره. وإن اختلطوا غسلوا وكفنوا؛ يعني: أنه إذا مات مسلمون وكفار واختلطوا، كما لو ماتوا في وباء أو غرقوا في سفينة، فإنهم يغسلون جميعًا ويكفنون ويدفنون بمقابر المسلمين، كان المسلمون أكثر أو الكفار أو استووا. وميز المسلم بالنية في الصلاة؛ يعني أن هؤلاء المسلمين والكفار الذين اختلطوا يغسلون جميعًا ويفعل بهم جميعًا ما يفعل بموتى المسلمين، إلا أنه ينوى المسلمون بالصلاة دون الكفار، وإنما غسل الجميع مع حرمة تغسيل الكفار والصلاة تعظيماً للمسلمين، كما أنهم يدفنون في مقابر المسلمين -كما مر- تغليباً للمسلمين، ومئونة غسلهم ودفنهم من بيت المال إن كان المسلم منهم فقيرا لا مال له، وأما إن كان له مال سواء كان معه أم لا فإن مؤنة جميعهم تؤخذ من مال المسلم، لقول ابن عرفة: وصلي عليهم ونوي المسلمون والنفقة عليهم أي على المسلمين المختلطين مع الكفار الذين ميزوا بالنية في الصلاة. قاله الرماصي. فإن اختلط كفار بمسلم لا يغسل كشهيد معترك، لم يغسل أحد منهم، ودفنوا بمقبرة المسلمين تغليباً لحق المسلم، فإن اختلط مسلم يغسل بشهيد معترك، غسلوا وكفنوا مع دفنهم بثيابهم احتياطاً في الجانبين وصلي عليهم، وهل يميز غير الشهيد بالنية أم لا؟ لأنه قد قيل بها على الشهيد. وفي شرح الشيخ عبد الباقي: إذا وجد ميت لا يعرف، غسل وصلي عليه إن وجد ببلد لا يدخلها كافر غالباً كالمدينة المنورة على ساكنها