-وقلنا إنه يكره تغسيله والصلاة عليه- فإنه يغسل دمه، قال الشيخ عبد الباقي: وجوباً كذا يظهر، وقال الخرشي: يغسل دمه عنه استحباباً.
وعلم من هذا أن المنفي إنما هو التغسيل الذي هو كغسل الجنابة إجزاء وإكمالا، وأما غسل الدم عنه فهو إما مندوب أو واجب. كما ذكرت لك. ولف بخرقة؛ يعني أنه يجب أن يلف السقط الذي لم يستهل بخرقة، ومعنى لفه بخرقة ضمها عليه وستره بها. وووري؛ يعني أن السقط يجب أن يوارى؛ أي يدفن. ولا يصلى على قبر؛ يعني أن الميت إذا دفن في قبره فإنه لا يصلى عليه كراهة حيث دفن بصلاة؛ لأن تكرار الصلاة على الميت مكروه. قاله الشيخ بناني.
قال مؤلفه عفا الله عنه: ويرد على ما قال أنه لو صلى عليه فذ لا تكره الصلاة على قبره؛ وهو خلاف ظاهر ما قالوه هنا، وصرح عبد الباقي والشبراخيتي بالمنع، ونازع بناني في ذلك وقال بالكراهة، وعلل بما ذكرت لك. إلا أن يدفن بغيرها؛ يعني أن الميت إذا دفن بغير صلاة فإنه ينبش ويخرج ما لم يخف تغيره ويصلى عليه كما مر، وأما إذا خيف تغيره فإنه يصلى عليه وهو مدفون في قبره وجوباً ما لم يطل، حتى يغلب على الظن فناء الميت، أو يذهب منه الميت كأكل السبع له. وقوله:"إلا أن يدفن بغيرها"، كذا في المدونة والرسالة؛ وهو مذهب ابن القاسم، وقال أشهب: لا يصلى عليه.
ولا غائب، عطف على "قبر"؛ يعني أنه تكره الصلاة على الميت الغائب كغريق، وأكيل سبع، وميت بمحل غائب، ونحوهم. قال الشيخ عبد الباقي: وأما صلاته صلى الله عليه وسلم على النجاشي، فمن خصوصياته برفع الأرض [له](١)، وعلم موته ونعاه لأصحابه وخرج معهم فأمهم، وصلى عليه قبل أن يوارى، ولم يفعل ذلك بعده أحد، ولا صلى أحد على النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن ووري، وفي الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم أعظم رغبة، فدل ذلك على الخصوص. انتهى. قوله فمن خصوصياته برفع الأرض له إلخ، قال الشيخ محمد بن الحسن: هذان جوابان جعلهما جوابًا واحدًا، وبيانهما أن تقول: الجواب الأول أنه من خصوصياته صلى الله عليه وسلم، والآخر أن صلاته عليه لم تكن على غائب لرفعه له صلى الله عليه وسلم حتى
(١) ساقطة من الأصل والمثبت من عبد الباقي، ج ٢ ص ١١٢.