هكذا قالوا وقد ورد ما يدل على جواز ذلك نحو (فإن جاء صاحبها وإلا استمتع بها (١)) وقولهم إن ذلك يكتب في الحواشي والشروح وغير ذلك لا في المتن قال الشيخ عبد الباقي ما لم يكن محض لحن أو خطأ صريحا في الحديث فالراجح إصلاحه:
وإن أتى في الأصل لحن أو خطا … فقيل يروى مثل ما جا غلطا
ومذهب المحصلين يصلح … ويقرأ الصواب وهو الأرجح
قوله فما كان من نقص إلى آخره ليس المراد به نقص أحكام ومسائل لم تذكر كما علمت لأن ذلك لا غاية له ولا يقدر بشر على تكميله فقلما يخلص مصنف من الهفوات علة في الاعتذار يعني أنه إنما اعتذر مع أنه لم يظهر له في كتابه إلا الكمال لأنه مصنف وكل مصنف لا يخلو من الهفوات، والهفوات هي خطأ طريق الصواب، وهي جمع هفوة وهي الزلة فقل بمعنى النفي الصرف كما قررته، وما مصدرية، وفاعل قل المصدر الأول منها ومن الفعل بعدها وهو يخلص، ومعنى يخلص ينجو، وقيل إن ما كافة لقل عن طلب الفاعل فلا فاعل لها ومثلها طال وكثر، ولا تتصل ما إلا بهذه الأفعال الثلاثة.
وحكى الدماميني عن أبي علي الفارسي أن قل بمعنى النفي الصرف وهو ما قدمته، ثم قال وتجيء بمعنى إثبات الشيء القليل ويوافق الأول هنا قول الإمام مالك ما منا إلا من ردورد عليه إلا صاحب هذا القبر الشريف، والمعنى الثاني ينافيه أو ينجو مؤلف من العثرات أي وإنما اعتذرت لأني مؤلف وكل مؤلف لا ينجو من العثرات بفتح المثلثة جمع عثرة وهي الزلة.
وعلم مما قررته ترادف الهفوة والعثرة وترادف المؤلف والمصنف، وقيل إن التأليف التركيب مع إبقاء الألفة بين الأجزاء المركبة كالحكم بطهارة شيء وصحة بيعه وابتياعه، والتصنيف جعل الشيء أصنافا كجعل باب ثلاثة أصناف طهارة وشركة ومساقاة كما للشيخ عبد الباقي، ويجوز في مصنف ومؤلف الكسر والفتح، ولما فرغ الناصر اللقاني من شرح خطبة المختصر ختم كلامه بقوله
(١) اعرف عدتها ووكاءها ووعاءها فإن جاء صاحبها وإلا استمتع بها. صحيح البخاري، كتاب اللقطة، رقم الحديث: ٢٤٣٧.