للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتحصل من هذا أن معنى كلام المصنف أن الصلاة على الجنازة تندب إذا قام بها الغير، فلذلك كانت أحب من النفل.

واعلم أن محل كون الصلاة على الجنارة أفضل من النفل عند قيام الغير بها، إنما هو إن كان الميت له حق. كجار، وقريب وصديق وشيخ، أو كان ممن ترجى بركة شهود جنازته؛ بأن يكون صالحا.

والحاصل أن الصلاة على الجنازة أفضل من النافلة بشرطين: أَحَدُهُمَا أن يقوم بها الغير، ثانِيهِمَا أن يكون الميت له حق أو يكون ممن ترجى بركة شهوده، فإذا انتفى الشرط الأول تعينت، وإن وجد الشرط الأول وانتفى الثاني بوجهيه كان النفل والجلوس في مسجد أيِّ مسجد بنية الجوار أفضل، وخصه ابن العربي بالمسجد الجامع.

وفي المدخل: والاشتغال بالعلم أولى من الخروج مع الجنازة، وأورد على المصنف أن المصلي على الجنازة يحصل له ثواب الفرض؛ وهو أعظم من ثواب النفل، فكيف يكون النفل أفضل منه؟ وأجيب بما تقدم من أن هذا مبنيٌّ على سقوط فرض الكفاية بالشروع، قال الشيخ محمد بن الحسن: وفي هذا الجواب نظر لما تقرر في فرض الكفاية من أن اللاحق للداخل يقع فعله فرضا بالشروع فيه، فالبحث باق على كلا القولين.

تنبيهات: الأول: قال أبو الليث السمرقندي: وعن أبي هريرة بأسانِيدَ مختلفة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (إن الله تعالى لما فرغ من خلق السماوات والأرض، خلق الصُّورَ فأعطاه إسرافيل عليه الصلاة والسلام؛ فهو واضع له على فيه شاخص بصره إلى العرش، ينتظر متى يؤمر، قال: قلت يا رسول الله ما الصور؟ قال: قرن من نور، قلت: كيف هو؟ قال: عظيم، والذي بعثني بالحق نبيا لعظم دارته فيه كعرض السماء والأرض، وينفخ ثلاث نفخات (١)). وذكر في بعض الروايات (أنه ينفخ فيه نفختين) (٢)؛ وهي رواية كعب، والأولى لأبي هريرة: نفخة الفزع، ونفخة الصعق، ونفخة البعث. فيأمر الله تعالى إسرافيل عليه الصلاة والسلام في النفخة الأولى، فينفخ فيه، فيفزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله تعالى، وتتزلزل الأرض:


(١) تنبيه الغافلين، باب أهوال القيامة، ص ٣٥.
(٢) تنبيه الغافلين، باب أهوال القيامة، ص ٣٥.