ولكن عليكم بموسى عليه السلام فإنه كليم الله، فيأتون موسى، فيقول: لست لها ولكن عليكم بعيسى عليه السلام فإنه روح الله وكلمته، فيأتون عيسى، فيقول: لست لها ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم فأُوتَى، فأقول: أنا لها، وأنطلق فأَستأذن على ربي، فيؤذن لي، فأقوم بين يديه فأحمده بمحامد لا أقدر عليها إلا أن يلهمنيه ربي عز وجل، ثم أخِرُّ له ساجدا، فيقال لي: يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك، واسأل تعطه، واشفع تشفع، فيقول: أي رب أمتي أمتي، فيقال: انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبة من بُرَّةٍ أو شعيرة من إيمان فأخرجه منها، فأنطلق، فأفعل، ثم أرجع إلي ربي فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر ساجدا، فيقال يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك واسأل تعطه واشفع تشفع فيقول يا رب أمتي أمتي فيقال انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه منها، فأفعل، ثم أعود إلى ربي فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجدا، فيقال لي: يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك واسأل تعطه واشفع تشفع، فأقول: رب أمتي أمتي، فيقال: انطلق فمن كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه من النار، فأنطلق فأفعل، ثم أرجع إلى ربي في الرابعة فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجدا، فيقول لي: يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك واسأل تعطه واشفع تشفع، فيقول: يا رب إيذن لي فيمن قال لا إله إلا الله -قال: ليس ذلك لك، أو قال ليس ذاك إليك، ولكن وعزتي وكبريائي وعظمتي لأخرجن من النار من قال لا إله إلا الله (١)).
قال الشيخ الأكبر العارف بالله تعالى سيدي أحمد بن عطاء الله صاحب الحِكَمِ: انظر -رحمك الله- ما تضمنه هذا الحديث من فخامة قدره صلى الله عليه وسلم، وجلالة أمره، وأن أكابر الرسل والأنبياء لم ينازعوه في هذه الرتبة التي هي مختصة به؛ وهي الشفاعة العامة في كل من ضمه المحشر، فإن قلت: فما بال آدم أحال على نوح في حديث، وعلى إبراهيم في هذا، ودل نوح على إبراهيم، وإبراهيم على موسى، وموسى على عيسى، وعيسى على محمد صلى الله عليه وسلم، ولم تكن الدلالة على محمد صلى الله عليه وسلم من الأول؟ فاعلم أنه لو وقعت الدلالة على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأول لم يتبين من نفس هذا الحديث، أن غيره لا تكون