للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له هذه الرتبة، فأراد الحق تعالى أن يدل كل واحد على من بعده وكل واحد يقول: لست لها، مسلما للرتبة غير مدع لها، حتى أتوا عيسى فدل على محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: (أنا لها (١) وفي هذا الحديث: من الفوائد أن المعارف لا تتناهى من قوله: لا أقدر عليه إلا أن يلهمنيه الله عز وجل، ويشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك (٢)). انتهى. وفي بعض طرق هذا الحديث: (فيأتون آدم عليه الصلاة والسلام، فيقولون: يا أبا البشر اشفع لنا إلى ربك ليقض بيننا، فيقول: إني لست هناك إني قد أخرجت من الجنة بخطيئة، وأنه يدل على نوح فيقول لست هناك إني قد دعوت دعوة أغرقت أهل الأرض، فيدل على إبراهيم فيقول لست ويذكر أنه كذب ثلاث كذبات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه جادل بهن عن دين الله، قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ}، وقوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا}، وقوله لامرأته: إنها أختي، وأن موسى يقول: إني قتلت نفسا بغير حق، وأن عيسى يقول: إني اتُّخِذْتُ وأمي إلهين من دون الله، وإني لا يهمني اليوم إلا نفسي، ولكن أرأيتم لو كان لأحدكم بضاعة فجعلها في كيس، ثم ختم عليها أكان يصل إلى ما في الكيس حتى يفض الخاتم؟ فيقولون: لا، فيقول: إن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، وقد وفى اليوم، وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وفيه أيضا: فإذا أراد الله أن يقضي بين خلقه نادى مناد؛ أين محمد وأمته؟ فنحن الأولون والآخرون؛ يعني نحن آخر الناس في الدنيا وأولهم في الحساب، فأقوم وأمتي فتفرج لنا الأمم عن طريقنا، فنمر بيض الوجوه غرا محجلين من أثر الطهور، ويقول لنا الناس: كادت هذه الأمة أن تكون كلها أنبياء، ثم أتقدم إلى باب الجنة فأستفتح، فيقال: من هذا؟ فأقول: محمد صلى الله عليه وسلم، فيفتح لي فأدخل، فأخر ساجدا لربي وأحمده محامد لم يحمده بها أحد قبلي ولا يحمده بها أحد بعدي، فيقال: ارفع رأسك، وقل يسمع لك، واشفع تشفع، واسأل تعط، فأرفع رأسي فأشفع لمن كان في قلبه مثقال شعيرة من الإيمان؛ يعني من اليقين مع شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقال: إن


(١) مسلم، كتاب الإيمان، الحديث: ١٩٣.
(٢) مسلم، كتاب الصلاة، الحديث: ٤٨٦.