الدول ثلاث: دولة الحياة؛ وهي العيش في طاعة الله تعالى ودولة الممات؛ وهي خروج الروح مع شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ودولة القيامة حين يأتيه البشير عند خروجه من قبره بالجنة.
الثَّانِي قال يحيى بن معاذ: أيها الناس مَهْلًا مَهْلا غدا تحشرون إلى الموقف حَشْرًا حَشْرَا، وتوقفون بين يدي الله تعالى فَرْدًا فَرْدًا، وتسألون عما عملتم حَرْفًا حَرْفًا، وتساق الأولياء إلى الرحمن وَفْدًا وَفْدًا، ويرد العاصون إلى عذاب الله تعالى وِرْدًا وِرْدًا، ويدخلون في جهنم حِزْبًا حِزْبًا، وكل هذا إذا دكت الأرض دَكًا دَكًا، وجاء ربك والملك صَفًّا صَفًّا، وجيء يومئذ بجهنم وَيْلًا وَيلًا، فالويل ثم الويل لأهل الويل من يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، يوم الرادفة ويوم الآزفة ويوم الحسرة والندامة، وذلك يوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين، وهو يوم القيامة، ويوم المناقشة والمحاسبة، ويوم الموازنة والمساءلة، ويوم الزلزلة ويوم الصيحة، ويوم النشور ويوم ينظر المرء ما قدمت يداه، ويوم التغابن ويوم يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم، ويوم تبيض وجوه وتسود وجوه، ويوم لا يغني مولى عن مولى شيئا، ويوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا ولا هم ينصرون، يوم لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا، يوما كان شره مستطيرا؛ يعني منتشرا فاشيا، يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار، يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها، ويوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارىَ ولكن عذاب الله شديد.
الثالث: اعلم أنه يبعث الأيام والليالي ويوم الجمعة، قال القرطبي في تذكرته: روى القاضي الشريف أبو الحسن علي بن عبد الله بن إبراهيم الهاشمي العيسوي من ولد عيسى بن عبد الله بن عباس رضي الله عنهم بإسناد صحيح، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إن الله عز وجل ليبعث الأيام يوم القيامة على هيئتها، ويبعث الجمعة زهراء منيرة أهلها محفون بها كالعروس تهدى إلى كريمها، تضيء لهم يمشون في ضوئها، ألوانهم كالثلج بياضا، وريحهم يسطع كالمسك، يخوضون جبال الكافور ينظر إليهم الثقلان ما (١)