شر هذا، اللهم لا تأتنا بهذا، قال: فيأتيهم، فيقول: اللهم خذه، فيقول: أبعدكم الله فإن لكل رجل منكم مثل هذا، قوله في الكافر: ويلبس تاجا؛ أي من العذاب. قاله الثعالبي. وفي حديث آخر أنه يعظم للنار، وتزرق عيناه، ويسود وجهه، ويكسى سرابيل القطران، ويقال له: انطلق إلى أصحابك فأخبرهم أن لكل إنسان منهم مثل هذا.
الثامن: قال المحاسبي رحمه الله: فتوهم نفسك وقد نوديت باسمك، يا فلان بن فلان، هلم إلى العرض على الملك الديان، وقد وكلت الملائكة بأخذك وقربك إلى الله تعالى لم يمنعها اشتباه الأسماء باسمك؛ إذ عرفت أنك الراد بالدعاء إذا قرع النداء قلبك، فعلمت أنك المطلوب فارتعدت فرانصك، واضطربت جوارحك، وتغير لونك وطارقلبك بتخطية الصفوف إلى ربك، للعرض عليه والوقوف بين يديه وقد رفع الخلائق إليك أبصارهم وأنت في أيدي الملائكة، وقد طار قلبك واشتد رعبك لعلمك أين يراد بك، فتوهم نفسك وأنت بين يدي ربك، وفي يدك صحيفتك مخبرة بعملك لا تغادر بلية كتمتها ولا مخبأة أسررتها، وأنت تقرأ ما فيها بلسان كليل وقلب منكس ذليل، فليت شعري بأي لسان تجيبه حين يسألك عن قبيح فعلك وعظيم جرمك، وأي قلب يحتمل كلام الملك الجبار في عظمته وقد سمعت كلامه فذكرت ذنوبك، فتوهم نفسك بهذه الهيبة والأهوال محدقة بك بين يديك ومن خلفك، فكم من بلية قد كنت نسيتها ذكركها: وكم من عمل طيب ظننت أنه قد سلم لك وخلص فرده عليك في ذلك الموقف، وكم من سيئة قد كنت أخفيتها أظهرها وأبداها لك بعد أن كان أملك فيها عظيما؟ فيا حسرة قلبك وتأسفك على ما فرطت من طاعة ربك حتى إذا كرر السؤال تذكرت كل بلية ونشر كل خفية، فأجهدك الكرب وبلغ الحياء منك منتهاه لمخالفتك أمره وقلة حيائك منه وقلة اكتراثك باطلاعه عليك، وتوهم نفسك بعد المساءلة وقد بدا لك منه أحد أمرين إما العفو والرضا، وإما الغضب فإما أن يقول لك عبدي أنا سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم وقد غفرت لك جرمك وتقبلت يسير إحسانك، فيستطير بالفرح والسرور قلبك، ويسفر بذلك وجهك، فتوهم نفسك وقد قالها لك فبدا إشراق السرور ونوره في وجهك، فابيض لذلك بعد كآبته، وتوهم فرحة قلبد برضائه عنك حتى سمعته يقول لك كدت أن تموت فرحا وسرورا، فكيف بك لو قد سمعت من الله الرضا، فأمن خوفك