العقيدة: ما علم أنه يجب شرعا على كل مكلف أن يعرف ما يجب في حق مولانا جل وعز وما يجوز وما يستحيل، ويجب عليه أيضا مثل ذلك في حق الرسل عليهم الصلاة والسلام. فالواجب ما لا يقبل النفي بحال والمستحيل ما أبى الثبوت عقلا، والجائز ما قبل الأمرين. فيجب عليك أيها المكلف أن تعتقد أن لك ربا ثابتا له كل كمال: منتفيا عنه كل نقص، فمما يجب في حقه جل وعز: الوجود إذ لو لم يكن موجودا لما وجد شيء من العالم وهو صفة نفسية، والقِدَمُ وإلا كان حادثا فيفتقر إلى محدث فيلزم الدور أو التسلسل وكلاهما محال. وَالبَقَاءُ وإلا كان وجوده جائزا فيلزم الحدوث وقد عرفت أنه محال، والمُخَالَفَةُ للْحَوَادِثِ فتنتفي عنه الجرمية ولوازمها من الاتصاف بالأعراض فليست له جهة ولا هو في جهة للجرم ولا يحويه مكان ولا زمان فعند رؤيته يرتفع المكان والزمان فلا ماضي ولا حال ولا مستقبل إلى غير ذلك من خواص الحوادث، والغِنَى المُطْلَقُ؛ أي كونه قائما بنفسه غنيا عن محل يقوم به وعن مخصص فلو احتاج إلى المخصص لكان حادثا ولو احتاج إلى ذات يقوم بها لكان صفة وذلك باطل لأن الصفة لا بد لها من ذات تقوم بها ولا تكون هذه الذات إلا حادثة لما ستعرف من وجوب الحدوث لغيرد فيلزم وجود المحل الذي يقوم به قبل وجوده سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا، ويلزم أيضا أن لا يتصف بصفات المعاني الآتية فهو عز وجل ليس بصفة، وَالوَحْدَانِيَةُ أي لا مثل له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله وإلا لما كان واجب الوجود. فهذه ست صفات الأولى منها نفسية كما عرفت، والخمسة بعدها سلبية؛ أي ليست بمعان قائمة بالذات العلية وإنما هي عبارة عن نفي النقائص من الحدوث، والفناء، والمماثلة، للحوادث، والافتقار، والتعدد، والمشاركة. ويجب له مع هذه الصفات الست سبع صفات تسمى صفات المعاني وهي: الْقُدْرَةُ وَالإرَادَةُ المتعلقتان بكل ممكن فلو لم يكن قادرا لكان عاجزا فلا يوجد كون من الأكوان، ولو لم يكنَ مريدا لا تخصصت الحوادث بما هي عليه وذلك باطل بالمشاهدة. والْعِلْمُ المتعلق بكل الواجبات والجائزات والمستحيلات وتخصيصه بالبعض يلزم منه الحدوث وهو سبحانه عز وجل صفاته قديمة كما أن ذاته قديمة أعني بذلك غير الصفات الفعلية كالخلق والرزق والإماتة والإحياء، والإِرَادَةُ القصد إلى الشيء ولا قصد لمن لا علم له والْحَيَاةُ وهي لا تتعلق بشيء.