للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تنبيهات: الأول: اعلم أن الزكاة فرضت في السنة الثانية من الهجرة بعد زكاة الفطر؛ أي في سنتها كما في الخرشي.

الثاني: اعلم أن الزكاة وردت في الشرع بألفاظ مختلفة منها الصدقة: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}، من التصديق الذي هو الإيمان؛ إذ دافعها مصدق بوجوبها. قاله الشبراخيتي. وفي الإكمال: أنها من الصدق؛ لأنها دليل على صدق صاحبها في الدين. انتهى. وهو حسن والله أعلم. ومنها الحق: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}؛ إذ هو لغة الثابت، فهي ثابت وجوبها، ومنها الإنفاق: {وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ}، ومنها العفو: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} إذ هو في اللغة الزائد، فكأنها زيادة على الغني، ومنها الماعون: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}.

الثالث: ذكر الشيخ تاج الدين بن عطاء الله في التنوير: أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا تجب عليهم الزكاة؛ لأنه لا ملك لهم مع الله، إنما كانوا يشهدون ما بأيديهم من ودائع الله لهم، يبذلونه في أوان بذله، ويمنعونه في غير محله، ولأن الزكاة إنما هي طهارة لا عسى أن يكون ممن وجبت عليهم، والأنبياء مبرؤون من الذنب لعصمتهم. انتهى. وقد قال تعالى: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا}، فانظر ما تأويلها عثدهم، أجارنا الله من السوء ببركتهم، وأفاض علينا مما منحهم، رضي الله عنهم آمين.

الرابع: اعلم أن متعلقات الزكاة شرعا ستة: الماشية، والحرث، والنقدان، والتجارة، والمعادن، والفطر. وقدم المصنف زكاة الماشية والحرث على العين مع أنه خلاف ترتيب المدونة وابن الحاجب ونحوهما؛ لشرف ما ينمو بنفسه، وقدم الحيوان لشرفه على الجماد، وبدأ منها بالإبل اقتداء بأبي بكر رضي الله عنه، ولأنها أشرف أموال العرب، فقال: تجب زكاة نصاب النعم؛ يعني أن الزكاة واجبة في النصاب من النعم، والنصاب هو القدر الذي إذا بلغة المال وجبت فيه الزكاة، والنعم: الإبل والبقر والغنم، وجمع النعم: أنعام، وجمع الجمع: أناعيم. قاله الحطاب. وسمي النعم نعما لكثرة نعم الله فيه على خلقه من النمو، وعموم الانتفاع به مع كونها مأكولة؛، ولذلك وجبت فيها الزكاة، وفي الذخيرة: والنعم والنعمة والنعيم والنعماء مأخوذ من لفظ نعم؛ لأن الجواب بها يسر غالبا، فاشتق منها ألفاظ هذه الأمور لكونها سارة، ولفظ الغنم مأخوذ من الغنيمة،