عمدا والصدق والأمانة في نفي الكذب عمدا في الزائد على الأمور بتبليغه، والصدق والتبليغ في منع التبديل نسيانا والأمانة والتبليغ في منع نقص شيء من الأمور بتبليغه، وينفرد الصدق بمنع الكذب نسيانا في غير المأمور بتبليغه والأمانة بمنع المعصية في غير الكذب وعدم التبليغ كالسرقة مثلا والتبليغ بمنع نقص شيء من الأمور بتبليغه نسيانا. وَيستحيل في حقهم صلوات الله وسلامه عليهم أضداد هذه الصفات الثلاثة: الكذب، والتلبس بمنهي عنه نهي كراهة أو تحريم، وكتمان شيء مما أمروا بتبليغه. ويجوز في حقهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين كل عرض لا يؤدي إلى نقص كالجوع، والعطش، والمرض، والبيع، والشراء، وغير ذلك من الأوصاف البشرية التي لا تؤدي إلى نقص.
واعلم أنه يجمع هذه العقائد كلها قول لا إله إلا الله محمد رسول الله لأن مَعْنَى لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ لا ثابتا له جميع الكمال ومنتفيا عنه كل نقص إلا الله مولانا جل وعز فأثبتنا له بقولها كل كمال فتضمن ذلك أنه موجود قديم باق غني الغنى المطلق مخالف للحوادث واحد في ذاته وفي صفاته وفي أفعاله قادر مريد عالم أوجد الأشياء بقدرته وإرادته القديمتين على وفق ما سبق في علمه فما أخطأ العبد لم يكن ليصيبه وما أصابه لم يكن ليخطئه وأثبتنا له أنه حي وأنه المتصف بكل كمال ونفينا عنه أضداد هذه الصفات وكل نقص. وَمُحَمَدٌ رَسُولُ اللهِ يتضمن أنه تعالى سميع بصير متكلم، وَيتضمن الإيمان بالله وبالملائكة وأنهم معصومون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، والكتب السماوية وأن جميع ما فيها حق وأنها من عند الله، وبالرسل والأنبياء وأنهم صادقون مبلغون لجميع ما أمروا بتبليغه، وأنهم يجوز في حقهم من الأعراض البشرية ما لا يؤدي إلى نقص، واليوم الآخر وجميع ما فيه من حشر ونشر وصراط وميزان. وَيتضمن أيضا الإيمان بأن الجنة والنار موجودتان الآن وأن محمدا خاتم النبيئين وأفضل الخلائق أجمعين إلى غير ذلك مما ورد به الكتاب والسنة وأجمعت عليه الأمة ككونه تعالى يغفر الصغائر باجتناب الكبائر، ونفوذ الوعيد في طائفة من العصاة، وكون أرواح أهل السعادة باقية ناعمة إلى يوم البعث، وكون أرواح أهل الشقاء باقية معذبة إلى يوم الدين، وسؤال الملكين وإعادة الأجسام بعينها، وأخذ الصحف باليمين وبالشمال إلى غير ذلك مما لا ينحصر.