التعمية لأمره أو ليبين أن ذلك غير واجب، ودل الجواب على أنه سأل عن متعلقات الإسلام والإيمان والإحسان لا عن معنى الألفاظ وإلا لقال الإيمان التصديق ونحو ذلك، وبدأ بالإسلام في هذه الرواية لأنه الأمر الظاهر، وثنى بالإيمان لأنه الأمر الباطن، وثلث بالإحسان وهو النهاية. وقوله:"الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله" ظاهره أنه لا بد في الإسلام من لفظ أشهد واعتمده بعضهم فلو قال لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن مسلما عند بعضهم والمعتمد خلافه. وقوله:"وتقيم الصلاة" هو وما بعده بالنصب عطف على تَشْهَدَ. ومعنى إقامة الصلاة أن يأتي بها محافظا على أركانها وشروطها أو يداوم عليها فتقيم من التقويم أي التعديل أو من الإقامة أى الملازمة والاستمرار، وقوله:"أن تؤمن بالله" أي بأنه تعالى واحد في ذاته وصفاته وأفعاله لا شريك له في ألوهيته؛ أى استحقاق العبادة وأنه منفرد بخلق الذوات بصفاتها وأفعالها وبقدم ذاته وصفاته الذاتية وبأن ذاته تعالى لها صفة حياة منزهة عن الروح، وصفة علم وقدرة وإرادة وسمع وبصر وكلام وكل صفة من صفاته لا تكثر فيها وإنما التكثر في متعلقاتها لا شبيه له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله فالطاعات بإرادته وأمره والمعاصي بإرادته دون أمره، والكل من ذلك وغيره من الكائنات بقضائه وقدره سمعه من غير صماخ وبصره من غير حدقة وكلامه من غير صوت ولا حرف، منزه عن البكم منزه عن أن يقوم به حادث من حركة أو سكون أو تحيز فصفاته ليست أعراضا، أحدث العالم باختياره من غير أن يحصل له به كمال لم يكن له قبل ذلك، لم يتجدد له بإيجاده اسم ولا صفة، منزه عن الجهة والجسمية وصفاتهما ولوازمهما وكل سمة نقص أو لا كمال فيها، وبأنه لا يكون في ملكه إلا ما يشاء من خير وشر ونفع وضر فلا تقع لمحة ناظر ولا خطرة خاطر إلا بإرادته تعالى. وهو المنفرد بأنه الغني الغنى المطلق فكل موجود مفتقر إليه عز وجل في وجوده وبقائه وسائر ما يمد به، وبأنه باق لا يلحقه فناء وحياته دائمة لا يعقبها موت {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}،
وحاصل ما أشار إليه الحديث أعني قوله بالله أنه تعالى متصف بكل كمال منزه عن كل وصف لا كمال فيه، وقوله:"وملائكته" هم أجسام نورانية مبرأة من الكدورات قادرة على التشكل بأشكال مختلفة ليسوا ذكورا ولا إناثا ولا يأكلون ولا يشربون ولا يتناكحون ولا يتوالدون كما في ابن حجر