عن سعيد بن المسيب في باب ذكر الملائكة. ومعنى الإيمان بهم أن تؤمن بأنهم عباد الله لا كما زعم المشركون من تألههم، مكرمون لا كما زعم اليهود من تنقصهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وبأنهم سفراء الله بينه وبين خلقه متصرفون فيهم كما أذن صادقون فيما أخبروا به عنه وأنهم بالغون من الكثرة ما لا يعلمه إلا الله تعالى {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ}[أطت السماء وحق لها أن تئط ما من موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد أو راكع](١) وقوله وكتبه أي بأنها كلام الله القديم الأزلي القائم بذاته المنزه عن الحرف والصوت واللحن والإعراب، وبأنه تعالى أنزلها على بعض رسله بألفاظ حادثة في ألواح أو على لسان الملك وبأن كل ما تضمنته حق وصدق وبأن بعض أحكامها نسخ وبعضها لم ينسخ، وورد عن غير واحد أنها مائة كتاب وأربعة كتب أنزل منها خمسون على شئث، وثلاثون على إدريس، وعشرة على آدم، وعشرة على إبراهيم والله أعلم. الزركشي اختلف العلماء في نسخ المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم قيل إنه اللفظ والمعنى وأن جبريل حفظ القرآن من اللوح المحفوظ ونزل به وأنه ذكر بعضهم أن حروف القرءان في اللوح كل حرف منها بقدر جبل قاف، وقيل إنه المعنى خاصة نزل به جبريل وعلمه النبي صلى الله عليه وسلم فعبر عنه بلغة العرب لقوله تعالى {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ}، وذكر السيوطي في الحاوي أنه اختلف في كيفية تلقي الوحي من الله تعالى قيل ألهمه وقيل سمعه منه تعالى، وقيل حفظه من اللوح المحفوظ، وقيل سمعه جبريل من إسرافيل وإسرافيل من اللوح المحفوظ، واختلف هل نزول جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم باللفظ أو بالمعنى فعبر صلى الله عليه وسلم عنه. نقله اليوسي في حاشيته على شرح الكبرى، وقوله:"ورسله" أي بأنه أرسلهم إلى الخلق لهدايتهم وتكميل معاشهم ومعادهم وأيدهم بالمعجزة الدالة على صدقهم فبلغوا عنه رسالته وبينوا ما أمروا ببيانه، وأنه يجب احترام جميعهم ولا نفرق بين أحد منهم، وأنه تعالى نزههم عن كل وصمة ونقص فهم معصومون من الكبائر والصغائر قبل النبوءة وبعدها هذا هو الصواب، وما وقع في قصص يذكرها المفسرون وفي كتب قصص الأنبياء مما يخالف ذلك لا يعتمد
(١) الجامع الكبير للسيوطى، رقم الحديث: ٧٣٩٥. وفي جامع الترمذي، كتاب الزهد، رقم الحديث: ٢٣١٢: أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله .. الخ. وسنن ابن ماجه، رقم الحديث: ٤١٩٠.