والنظر إلى زمزم عبادة والتطهر به يحبط الخطايا. ابن شعبان لا يغسل بماء زمزم ميت ولا نجاسة. ابن أبي زيد ما ذكره في ماء زمزم لا وجه له عند ملك وأصحابه والمشهور أن ماء زمزم تزال به النجاسة ولا خلاف في ذلك إلا ما روي عن ابن شعبان لا تزال به النجاسة تشريفا له. قال الحطاب وأما إزالة النجاسة بماء زمزم فالظاهر أن ذلك مكروه ابتداء فإن أزيلت به طهر المحل انتهى. ثم قال بعد جلب نقول ولا ينبغي أن يختلف في كراهة غسل النجاسة به والاستنجاء به قد قيل إنه يورث البواسير.
واعلم أن موضع زمزم وحريمها سابق على المسجد فلا يدخل في تحبيس المسجد فقد ذكر صاحب المدخل وغيره أن البئر إذا كانت سابقة على المسجد لا يدخل حريمها في تحبيس المسجد، ويستثنى من الآبار آبار ثمود فلا يجوز الوضوء بمائها ولا الانتفاع به لأنه صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة رضي الله عنهم حين مروا بها أن لا يشربوا إلا من البئر التي كانت تردها الناقة وأمرهم أن يطرحوا ما عجنوا من تلك الآبار ويريقوا الماء [والحديث في الصحيحين](١)، وأمرهم أن يعلفوا العجين للإبل، والنهي عنه لأنه ماء سخط وغضب لا لنجاسته فلو صلى به لصحت الصلاة كما للأجهوري بالأولى من صحة الصلاة بالماء المغصوب المتوضإ به، وقيل إنه نجس إذ هذا الذي أمرهم به صلى الله عليه وسلم من إراقة ما استقوا وتعليف العجين للإبل حكم على ذلك الماء بالنجاسة ولولا ذلك لما أتلف الطعام المحترم شرعا، وكما منع الوضوء بمائها منع التيمم بأرضها وهي مسيرة خمسة أميال وفي أمره صلى الله عليه وسلم لهم بالاستقاء من البئر التي كانت تردها الناقة دليل على التبرك بآثار الصالحين وإن تقادمت أعصارهم، وفي كتاب الشيخ الأمير ومنع الانتفاع بماء ثمود وهو مطلق، والصلاة به باطلة كما في الشبراخيتي عن الرصاع وبأرضها فلا يؤخذ منها إناء ولا بناء، واستظهر الأجهوري صحة الصلاة بمائها ويؤيده أنه قيل بكراهته انتهى. ابن حجر الذي يظهر أن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم بئر الناقة بالوحي وقال البلقيني بالتواتر إذ لا يشترط فيه الإسلام انتهى. ونقل ابن أبي شريف من الشافعية عن الزركشي أنه
(١) البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، رقم الحديث: ٣٣٧٩. - مسلم، كتاب الزهد، رقم الحديث: ٢٩٨١.