للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كراهة الوضوء به فقد انعقد الإجماع على خلافه، وما قررت به قوله بلا قيد يفيده الحطاب والله سبحانه أعلم، وقرره غيري على أن معناه بلا قيد لازم وعليه فيشمل أيضا الماء الذي نبع بين أصابعه صلى الله عليه وسلم. روى النسائي وابن خزيمة عن أنس [أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع يده في إناء وقال توضئوا باسم الله حتى توضؤوا عن آخرهم وكانوا نحوا من سبعين] (١)

وأكثر أهل العلم على أن الماء نبع من ذاته صلى الله عليه وسلم؛ أي أنه خارج من عظمه وعصبه ولحمه ودمه ويؤيده قول جابر [فرأيت الماء يخرج من بين أصابعه] (٢)، وفي رواية [ينبع] (٣) وهو مراد من قال إنه إيجاد معدوم وهو الصحيح. قال القرطبي لم يسمع بمثل هذه المعجزة عن غير نبينا صلى الله عليه وسلم حيث نبع الماء من ذاته من عظمها وعصبها ولحمها ودمها الشريف، ونقله عنه ابن حجر في علامات النبوءة وقال في القبس ونبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم خصيصة لم تكن لأحد قبله، قال النووي في كيفية هذا النبع قولان حكاهما القاضي عياض وغيره أحدهما ونقله القاضي عن المزني وأكثر العلماء أن الماء كان يخرج من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم وينبع من ذاتها قالوا وهو أعظم من المعجزة التي هي نبعه من حجر، والثاني أن الله كثر الماء في نفسه فصار يفور من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم قال غير واحد وعلى الأول فهو أشرف مياه الدنيا والآخرة. وقد ذكر صاحب المواهب عن البلقيني وذكره أيضا تقي الدين القابسي (٤) المالكي عن شيخه شيخ الإسلام البلقيني أن ماء زمزم أفضل من ماء الكوثر لغسل قلبه صلى الله عليه وسلم به ليلة الإسراء فكيف بماء خرج من ذاته صلى الله عليه وسلم وعلى أن الماء كثر في نفسه فهو أشرف مياه الدنيا والآخرة أيضا إلا أنه يحتمل أن كلا من الكوثر وماء زمزم أفضل منه. ودخل في ماء الآبار ماء زمزم ويستحب الوضوء بماء زمزم والاغتسال به إذا كان طاهر الأعضاء والاستكثار من شربه ويكره أن تزال به النجاسة احتراما له فإن أزيلت به طهر المحل،


(١) عن أنس قال طلب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وضوءا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل مع أحد منكم ماء فوضع يده في الماء ويقول توضئوا باسم الله فرأيت الماء يخرج من بين أصابعه حتى توضئوا من عند آخرهم قال ثابت قلت لأنس كم تراهم قال نحوا من سبعين. سنن النسائي، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٧٨. وابن خزيمة، رقم الحديث: ١٤٤.
(٢) سنن النسائى، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٧٨. وابن خزيمة، رقم الحديث: ١٤٤.
(٣) رواية "ينبع" في الموطإ، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٦٤.
(٤) الذي في الحطاب ج ١ ص ٦٨ "الفاسي".