للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[أنه صلى الله عليه وسلم توضأ من إناء صفر] (١)، ومعلوم أنه يغير طعم الماء، وكان ابن عمر يسخن له الماء في إناء من صفر ولم يكره أحد الوضوء من إناء الحديد على سرعة تغير الماء فيه، وظاهر قوله: "كملح" ولو طبخ به خلافا لما استظهره الحطاب، وطبخ الماء بالكبريت ونحوه كطبخه بالملح فلا يضر، وإنما كان الكبريت وما معه غير مضر للماء ولو نقل، ومنع التيمم به وما معه حيث نقل؛ لأن التيمم طهارة ضعيفة، ووجه تمثيل المص بالملح دون غيره أنه لما كان من جنس الطعام كان أشد مما هو من جنس الأرض فلذا اعتنى به أو بمطروح فيه يعني أن الماء إذا تغير بشيء طرح فيه من أجزاء الأرض كتراب أو ملح ونحوهما فإن ذلك لا يسلبه الطهورية، وهذا واضح إذا لم يكن الطرح قصدا بل ولو كان الطرح قصدا فإن ذلك لا يضر وهذا هو المشهور، وبين المطروح بقوله من تراب أو ملح يعني أن ما طرح في الماء من أجزاء الأرض لا يسلب الطهورية إذا غيره، ولا فرق في ذلك بين أن يطرح قصدا أولا على المشهور وقيل إن طرح ذلك في الماء قصدا سلبه الطهورية وأما ما ألقته الريح فإنه لا خلاف أنه لا يضر. ولله در المص حيث اكتفى بذكر أقرب الأشياء إلى الماء وهو التراب، وأبعدها عنه وهو الملح فعلم بذكر الخلاف فيهما أن الخلاف جار فيما بينهما كالكبريت والزرنيخ والمغرة ونحوها، وأن المشهور في الجميع عدم سلب الطهورية، وهذا الذي ذكره المص في الملح هو الذى ذهب إليه ابن أبي زيد وابن القصار وهو المشهور كما مر دون قوله: والأرجح السلب بالملح يعني أن ابن يونس لما ذكر الخلاف في التغير بالملح المطروح في الماء قصدا قال: الصواب أنه لا يجوز الوضوء به لأنه إذا فارق الأرض صار طعاما لا يجوز التيمم عليه فهو بخلاف التراب لا يتغير حكمه ولا تخلو بقعة فيها الماء منه انتهى. والله تعالى أعلم، والمراد بسلب الطهورية هنا إذهابها والسلب عند المتكلمين سلبان سلب فيما يقبله المسلوب عنه ويعبر عنه بالعدم، ومقابل بالملكة كسلب البصر عن الإنسان وإن كان فيما لا يقبله كسلب البصر عن الحائط فيعبر عنه بالسلب المقابل بالإيجاب وفي الاتفاق على السلب به إن صنع تردد هذا أول موضع جرى فيه ذكر التردد وهو لتردد المتأخرين في النقل؛ يعني أن


(١) عن عبد الله بن زيد قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجنا له ماء في تور من صفر فتوضأ فغسل وجهه ثلاثا ويديه مرتين مرتين ومسح برأسه فأقبل به وأدبر وغسل رجليه. البخاري، كتاب الوضوء، رقم الحديث: ١٨٧.