للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المتأخرين اختلفوا هل الملح المطروح قصدا كالتراب فلا ينقل حكم الماء وهو المشهور كما مر، أو كالطعام فينقله إلى غيره، أو المعدني كالتراب والمصنوع كالطعام. قال ابن بشير: واختلف من بعدهم هل ترجع هذه الأقوال إلى قول واحد فيكون من جعله كالتراب يريد المعدني، ومن جعله كالطعام يريد المصنوع، أو يرجع ذلك إلى ثلاثة أقوال قوله: صنع أي من أجزاء الأرض وعلم أنه إذا لم يصنع يبقى الخلاف لأنه إذا كان الخلاف جاريا في التراب الذى هو أقرب الأشياء إلى الماء فأحرى الملح المعدني وحينئذ فتقرير المص أن يقال: وفي الاتفاق على السلب بالملح المطروح في الماء قصدا إن صنع. وأما إن لم يصنع فالاتفاق على عدم السلب به: ويراد بالاتفاق حينئذ اتفاق القائلين بأن التراب المطروح قصدا لا يسلب الطهورية، فترجع الأقوال الثلاثة إلى قول واحد وعدم اتفاقهم على ذلك فتكون الأقوال ثلاثة: قول بأن الملح كالطعام مطلقا، وقول بأنه كالتراب مطلقا، وقول بالتفصيل إن كان مصنوعا فهو كالطعام وإن كان معدنيا فهو كالتراب والله تعالى أعلم.

والمتقدمون في الاصطلاح من هو قبل ابن أبي زيد والمتأخرون من بعدهم، وإذا تأملت ما تقدم علمت أن مراد المص بالمتقدمين والمتأخرين هنا من تقدم على غيره ومن تأخر عن غيره وإن كانوا كلهم متأخرين، وتحصل مما مر أن التردد هنا لاختلاف المتأخرين في فهم كلام من تقدمهم، ويمكن أن يقرر المص هنا بأنه في الاتفاق على السلب بالملح المطروح قصدا إن صنع، وإن لم يصنع فلا اتفاق بل يبقى الخلاف المشار إليه بقوله ولو قصدا، وعدم اتفاقهم على السلب بالمصنوع بل يجري فيه الخلاف الجاري في غير المصنوع والله أعلم ومؤدى التقريرين واحد لكن الأول هو المناسب لأول الحل.

واعلم أن أقسام الملح أربعة: معدني وهو ما يؤخذ من معدنه حجارة، وما أصله ماء وجمد وهذا الثاني يتفق على عدم السلب به، وما صنع من أجزاء الأرض وهذا الثالث والأول هما محل الخلاف، والرابع ما صنع من النبات فيتفق فيه على السلب ولا يدخل في قوله إن صنع والله أعلم. لا بمتغير لونا يعني أنه لا يرفع الحدث وحكم الخبث بماء قد تغير لونه اتفاقا. أو طعما يعني أنه لا يرفع الحدث وحكم الخبث بماء قد تغير طعمه اتفاقا. أو ريحا يعني أنه لا يرفع الحدث وحكم الخبث بما قد تغير ريحه على المشهور خلافا لابن الماجشون في عدم اعتبار تغير