للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الريح، ورُدَّ جواب ابن الحاجب عنه بقوله: ولعله قصد التغير بالمجاورة بما يفارقه غالبا يعني أن محل كون الماء المتغير أحد أوصافه لا يرفع به الحدث وحكم الخبث إنما هو إذا تغير بما؛ أي بشيء أو بالشيء الذي يفارقه غالبا أي كثيرا فلا يضر التغير بما لا يفارقه أصلا كالسمك الحي، أو نادرا كمغرة قاله الشيخ إبراهيم وغيره، والضمير البارز في يفارقه عائد على الماء، والمستتر فيه عائد على ما، ومن المفارق كثيرا السمك الميت وكذا خرء السمك الحي كما مر.

من طاهر أو نجس بيان لما يعني أن الماء إذا تغير أحد أوصافه بما يفارقه كثيرا فإن ذلك يسلبه الطهورية سواء كان ذلك المفارق طاهرا كطعام ونبات، أو نجسا كبول محرم أو مكروه ودم مسفوح قوله لا بمتغير أي تحقق أنه تغير أو غلب على الظن، وما تقدم أنه يعمل على الظن فيما إذا شك في مغيره هل يضر مع أنه تحقق التغير وما هنا لم يتحقق التغير فلذلك اشترط غلبة ظن التغير والله أعلم. قوله: لا بمتغير عطف على قوله: بالمطلق، وقوله: لونا تمييز محول عن الفاعل، قوله: أو نجس يجوز أن يقرأ بفتح الجيم فيكون المراد عين النجاسة ويصح أن يقرأ بكسرها فيكون المراد به الشيء المتنجس قاله غير واحد، وفي القاموس النجس بالفتح وبالكسر وبالتحريك وككتف وعضد ضد الطاهر انتهى وقد مر ومثل للمفارق بقوله كدهن خالط هذا مفهوم قوله لاصق يعني أن الدهن وهو كل ما يدهن به كزيت وسمن وودك ونحو ذلك إذا خالط الماء وغيره فإنه يسلب طهورية الماء بلا خلاف وبخار مصطكى يعني أن الماء إذا تغير ببخار المصطكى فإن ذلك يسلب طهوريته، ودخل بالكاف المقدرة بخار غيره وهذا إن لاقى نفس الماء لا محله قبل وضعه فيه حيث كان التغير في الريح فإن تغير لونه أو طعمه بتبخير محل الماء قبل وضع الماء فيه فإنه يضر، وفي الأمير أثبتوا للماء لونا وهو الحق ولونه البياض لا قولهم لا لون له، وقول السيدة عائشة [ما هو إلا الأسودان الماء والتمر] (١) تغليب للتمر أو للون الإناء. قوله وبخار مصطكى هذا هو الراجح، وقيل لا يسلب البخار الطهورية، والقولان مبنيان على أنه مجاور فلا يسلب الطهورية أو مخالط فيسلبها وهذا الخلاف جار في المبخر بالعود ونحوه، والبخار هو الدخان، والبخور اسم


(١) البخاري، كتاب الهبة، رقم الحديث: ٢٥٦٧.