للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأوضئة المستحبة فلا تكره على الأظهر من التردد في الأصل انتهى. وفي الشبراختي أن وضوء التجديد مما فيه التردد وخالف أصبغ فقال: من توضأ بالماء المستعمل أعاد أبدا، وسواء عنده توضأ به الأول محدثا أو مجددا، أو غسل به ثوبا طاهرا قاله الحطاب.

ويسير كآنية وضوء أو غسل بنجس لم يغير يعني أن الماء اليسير إذا خالطته نجاسة ولم تغيره فإن المشهور من أربعة أقوال: أنه يكره مع وجود الغير فإن لم يجد غيره وجب استعماله وهذا مفهوم قوله: أو كثيرا خلط بنجس لم يغير، ولا يكره الاستعمال به أي بالكثير الذي خلط بنجس لم يغيره، وقيل إن اليسير الذي خلط بنجس لم يغير نجس واقتصر عليه في الرسالة وهي رواية المصريين عن مالك والأول هو الذي عليه العراقيون وهو المشهور في قول مالك، وقيل إنه ماء مشكوك فيه فيجمع بين الوضوء به والتيمم، وقيل طهور من غير كراهة.

واعلم أن آنية الوضوء تؤثر فيها القطرة فتصير من المختلف فيه بين الكراهة والنجاسة لا ما دون القطرة، وآنية الغسل لا يؤثر فيها إلا ما فوق القطرة والظاهر الرجوع في قدر ذلك لأهل المعرفة؛ فالنجس بالنسبة لآنية الوضوء والغسل مختلف ولا إعادة على مستعمل هذا اليسير على المشهور الذي مشى عليه المص، وأما على مذهب ابن القاسم أنه نجس فيعيد في الوقت لا أبدا خلاف ما للشيخ عبد الباقي، ووجه ذلك مراعاة الخلاف، ومحل الكراهة التي عليها المص إنما هو فيما يتوقف على طهور لا في العادات، ومفهوم قوله: بنجس أن ما خالطه طاهر لم يغيره لا يكره وهو كذلك خلافا للقابسي ومحل الكراهة أيضا أن لا تكون له مادةٌ كبير وأن لا يكون جاريا، وأما الجاري فحكمه حكم الكثير كما للمازري وابن رشد. وقوله: ويسير كآنية وضوء الخ دليلنا على أن الماء طهور حديث أبي سعيد قيل يا رسول الله أتتوضأ من بُضاعة وهي بئر يلقى فيها الحِيَض ولحوم الكلاب والنتن؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [إن الماء طهور لا ينجسه شيء] (١) رواه أبو داود والترمذي وصححه. وقوله: أتتوضأ بمثناتين فوقيتين خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم قاله النووي وغلط من رواه بالنون في أوله، وبضاعة بضم الموحدة وكسرها والأول أشهر قيل إنه


(١) إن الماء طهور لا ينجسه شيء. أبو داود في سننه، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٦٧ - الترمذي، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٦٦.