للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإنه كان يصومه أو إلا قليلا؟ فالجواب أنه صلى الله عليه وسلم لم يعلم فضل المحرم إلا في آخر عمرد قبل التمكن من صومه، أو لعله كانت تعرض له فيه أعذار تمنع من إكثار الصوم فيه من مرض أو سفر. قاله بمعناه النووي. قاله الشبراخيتي.

وفي الخرشي: وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سمى المحرم شهر الله (١) قال السيوطي: سئلت لم خص الله تعالى المحرم بشهر الله دون سائر الشهور مع أن فيها ما يساويه في الفضل ويزيد عليه كرمضان، ووجدت ما يجاب به أن هذا الاسم إسلامي دون سائر الشهور، فإن أسماءها كلها على ما كانت عليه في الجاهلية.

وكان اسم المحرم في الجاهلية صفر الأول، والذي بعدد صفر الثاني، فلما جاء الإسلام سمى الله تعالى المحرم، فأضيف إليه بهذا الاعتبار وهي إضافة تخصيص وتشريف، كقوله تعالى: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا}، وكقولهم في الكعبة بيت الله. ورجب؛ يعني أنه يستحب صيام رجب وأمثل ما ورد فيه ما رواه النسائي من حديث أسامة بن زيد، قلت: (يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان (٢))، ففيه إشعار بأن في رجب مشابهة برمضان، وأن الناس يشتغلون فيه من العبادة بما يشتغلون في رمضان ويغفلون عن نظير ذلك في شعبان؛ ولذلك كان يصومه، وفي تخصيص ذلك بالصوم إشعار بفضل صيام رجب، وأن ذلك كان من المعلوم المقرر لديهم، ومن ذلك ما رواه أبو داوود أنه عليه الصلاة والسلام قال لبعض أصحابه: (صم من [الحُرُم] (٣) واترك، صم من [الحرم] (٤) واترك، صم من [الحرم] (٥))، واترك، وقال بأصابعه الثلاث فضمها وأرسلها (٦))، ففي هذا الخبر وإن كان في إسناده من لا يعرف ما يدل على استحباب صيام بعض رجب؛ لأنه أحد الأشهر الحرم. قاله الحطاب.


(١) أفضل الصيام بعد رمضان مسلم، كتاب الصيام، الحديث: ١١٦٣.
(٢) النسائى، كتاب الصيام، الحديث: ٢٣٥٧.
(٣) في الأصل المحرم والمثبت من الحطاب ج ٣ ص ١٨٤ ط دار الرضوان.
(٤) في الأصل المحرم والمثبت من الحطاب ج ٣ ص ١٨٤ ط دار الرضوان.
(٥) في الأصل المحرم والمثبت من الحطاب ج ٣ ص ١٨٤ ط دار الرضوان.
(٦) أبو داود، كتاب الصوم، الحديث: ٢٤٢٨. ولفظه: … فضمها ثم أرسلها.