وقال محمد بن الحسن: واعترض الحطاب ذكر المصنف لرجب بما نقله عن ابن حجر؛ بأنه لم يرد في فضل رجب ولا في صيامه ولا في صيام شيء منه معين حديث يصلح للحجة به، ولذا قال المواق: ولو قال المصنف والمحرم وشعبان لوافق المنصوص. انتهى.
وفي الحطاب: وأما الأحاديث الواردة في فضل رجب، أو في فضل صيامه، أو في فضل صيام شيء منه صريحة فهي على قسمين: ضعيف وموضوع، فمن الضعيف: إن في الجنة نهرا يقال له رجب ماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، من صام يوما من رجب سقاه الله من ذلك النهر، وله شاهد باطل وهو أن في الجنة نهرا يقال له رجب ماؤه الرحيق من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا أعده الله لصوّام رجب، ومنه ما رواه البيهقي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصم بعد رمضان إلا رجبا وشعبان، ومنه أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل رجب، قال: اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبلغنا لرمضان.
ومن الأحاديث الباطلة: رجب شهر الله، وشعبان شهري، ورمضان شهر أمتي. وفي رواية وقع فيها طول وزيادات من جعلة تلك الزيادات، فمن صام من رجب يوما إيمانا واحتسابا استوجب رضوان الله الأكبر، وأسكنه الفردوس الأعلى إلى آخره.
ومن الأحاديث الباطلة أيضا: فضل رجب على الشهور كفضل القرآن على الأذكار، وفضل شعبان على الشهور كفضل محمد صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء، وفضل رمضان على سائر الشهور كفضل الله على عباده.
ومنها: من صلى المغرب في أول ليلة من رجب ثم صلى بعدها عشرين ركعة يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد مرة، ويسلم فيهن عشر تسليمات، أتدرون ما ثوابه؟ فإن الروح الأمين جبريل علمني ذلك، قال راوي الحديث وهو أنس: قلت الله ورسوله أعلم، قال: حفظه الله في نفسه وأهله وماله وولده، وأجير من عذاب القبر، وجاز على الصراط كالبرق بغير حساب ولا عذاب، وهذا حديث موضوع. وكذا الحديث الذي فيه رجب شهر الله لأنه مخصوص بالمغفرة، وفيه تحقن الدماء، وفيه تاب الله على أنبيائه، وفيه أنقذ أولياءه من يد أعدائه الخ. ومنها حديث: من صام ثلاثة أيام من رجب كتب الله له صيام شهر، ومن صام سبعة أيام أغلق