للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت من أدلة استيعاب "اللوامع" جميعَ فروع المذهب غير الشاذة قول مؤلفه عنه: جمعت لكم كتب المذهب في كتبكم [هذه]، وكل حكم ليس في اللوامع فهو شاذ (١).

وفي وصف اللوامع يصدق قول الشاعر:

لا يُدرِك الواصف المطري حقيقتَه … وإن يكن فائقا في كل ما وصفا

وعن تعامل المؤلف مع مختصر خليل موضوع "اللوامع" يقول أحد تلامذته:

فشق لنا بحرَ ابن موسى (٢) بشرحه … كما شقّ موسى قبله بالعصى البحرا

وقد بدأ المؤلف مساره في تأليف موسوعاته وهو في العقد السادس من القرن الثالث عشر الهجري، بكتابه: "اللوامعَ" الذي أكمله قبل وفاته بثلاثين سنة (٣)، وقد استغرقت فترة تأليف كتاب اللوامع نحو اثني عشر عاما مما ينبئ عن وجود عون، ومدد، وتوفيق من رب العالمين؛ فمجرد استنساخ هذه الكتب يصعب أن يتم في هذه المدة، ولو مع المثابرة، فضلا عن التأليف، والتحرير، فبالأحرى استقصاء جميع فروع المذهب ومسائله، مع عناية بالعمل اليومي الذي تقتضيه البيئة البدوية التي عاش فيها الشيخ. وكان المؤلف يستحضر دائما جسامة المسؤولية وخطر الأمانة، فقد قال: "ما كتبت كلمة في هذه المؤلفات إلا وأنا متذكر أنني سأسأل عنها غدا بين يدي الله تعالى" (٤).

ولتأكد المؤلف من صحة تحرير كتبه أمر أبناءه الأربعة - وكانوا كلهم علماء أجلاء - أن لا يغيروا فيها أي شيء إلا إذا تم اتفاقهم الأربعة على ضرورة تغييره. ولا تُوفي أحمد توقفوا عن ذلك.

ولا شك أن لاشتغال الشيخ بهذا المؤلف دواعي عديدة منها:


(١) من مآثر محمد وأبنائه. تأليف محمد عبد الله (بلاهي) بن عبد القادر، بخط ابنه القاضي محمد الأمين، مخطوط بمكتبتا.
(٢) يعني الشيخ خليل بن إسحاق بن موسى المالكي.
(٣) انظر ص الأخيرة من كتاب اللوامع (بخط المؤلف).
(٤) محمد الأمين بن داداه، محمد بن محمد سالم: حياته وآثاره العلمية، بحث لنيل الإجازة من المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية بنواكشوط. ١٩٨٤، (بحث غير منشور). وانظر أيضا: محمد عبد الله (بلاهي) بن عبد القادر، مرجع سبق ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>