أمور: أحدها ما يترتب عليه من الأمور الرديئة، ثانيها أنه لا يحل لأحد أن يفعل فعلا حتى يعلم حكم الله فيه، ثالثها ما ذكره بعضهم من أن فيه نوعا من الإسكار، قال مقيد هذا الشرح عفا الله تعالى عنه: قد وقفت على كلام كثير للعلماء في شأن "تباك" حاصله أنها مسألة خلاف بين التحليل والتحريم، وأن الراجح فيها التحريم، وقد أكثر الشيخ ميارة في التدليل من نقل كلام العلماء فيها والله تعالى أعلم. وفي الشبراخيتي: حكي أن آدم عليه الصلاة والسلام لما غرس الكرمة جاء إبليس فذبح عليها طاووسا فشربت دمه، فلما طلعت أوراقها ذبح عليها قردا فشربت دمه، فلما طلعت ثمرتها ذبح عليها أسدا فشربت دمه، فلما انتهى ثمرتها ذبح عليها خنزيرا فشربت دمه. فلهذا شارب الخمر تعتريه هذه الأوصاف الأربعة؛ وذلك أنه أول ما يشربها تدب في أعضائه فيزهر لونه ويحسن كما يحسن الطاووس، فإذا جاءه مبادي السكر لعب وصفق كما يفعل القرد، فإذا قوي سكره جاءته صفة الأسد فيعبث ويعربد ويهذي بما لا فائدة فيه، ثم ينقطع كما ينقطع الخنزير ويطلب النوم انتهى.
والحي يعني أن الحي طاهر آدميا أو غيره، مسلما كان أو كافرا أو شيطانا، أو متولدا من عذرة أو كلبا أو خنزيرا وقيل بنجاستهما، ولا يحكم على الحيوان بما في باطنه من النجاسة فتصح صلاة حامل صبي مثلا ولا عبرة بما في جوفه من العذرة.
ودمعه يعني أن دمع الحي طاهر لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين من عدم غسل الدموع عن الثياب والخدود، وعدم توقيها في صلاة وفي غيرها وعرقه يعني أن عرق الحي طاهر آدميا أو غيره من سائر الدواب (لأنه صلى الله عليه وسلم أجرى فرسا عريا)(١) بضم العين المهملة؛ أي ليس عليه أداة ولا يخلو غالبا حال الجري من عرق، ولا يقال في الآدميين إلا عريان، وظاهر المص ولو جلالة أو كافرا أو سكرانا حال سكره أو بعده بقرب أو بعد، وهذا الذي ذكره المص من طهارة العرق هو المعروف من المذهب. وقال ابن رشد في رسم الوضوء من سماع أشهب: عرق سائر الحيوان ولبنها تابع للحومها، وإنما قال في المدونة: لا بأس بعرق البرذون والبغل والحمار؛ لأن الناس لا
(١) البخاري، كتاب الأدب، رقم الحديث: ٦٠٣٣.- مسلم، كتاب الفضائل، رقم الحديث: ٢٣٠٧.