يصل لها فمباح، وفضلته طاهرة وإن شك في وصوله للنجاسة فالظاهر كراهة أكله، ونجاسة فضلته لاحتمال وصوله إليها، لأن الفار الذي يصل للنجاسة ممنوع أو مكروه على ما يأتي في باب المباح إن شاء الله تعالى، وإن ندرت النجاسة بالسفينة فينبغي طهارة ما شك في وصوله لها، وإن لم تندر فُصِّلَ فيه كما تقدم. ويستحب عند مالك غسل فضلة المباح بولا أو غيره، والظاهر أن ما تولد من المباح وغيره يلحق بالأم لأن كل ذات رحم فولدها بمنزلتها؛ وذلك كالمتولد من عقاب وثعلب ففي حياة الحيوان العقاب كله أنثى ويسافده طائر آخر، وقيل ذكر الثعالب قال شاعر يهجو شخصا:
ما أنت إلا كالعقاب فأمه … معروفة وله أب مجهول
قاله الشيخ عبد الباقي إلا المتغذي بنجس يعني أن المباح الذي يتغذى بالنجس يأكله أو يشربه رجيعه نجس ويحكم لبوله وعذرته بالنجاسة مدة ظن بقاء النجاسة بجوفه. قوله: إلا المتغذي بنجس أي بالمشاهدة فخرج ما شأنه استعمال النجاسة ولكنه لا يصل إليها لحبسه، وما احتمل أمره خلافا للبساطي. الحطاب ما ذكره البساطي غير ظاهر، ثم قال بعد جلب نقول: فعلم من هذا أن الحيوان إذا كان من شأنه أن يأكل النجاسة ولم يتحقق أكله لها فأمره خفيف يستحب غسل روثه وهو خلاف ما دل عليه كلام البساطي: وإذا ذبح الحيوان الذي يتغذى بالنجاسة فإنه يغسل موضع الغذاء منه ككرشه وأمعائه قاله ابن يونس نقله عنه الحطاب، قال الحطاب: وهذا إذا ذبح بحدثان استعماله للنجاسة وقيء يعني أن القيء طاهر، والقيء ما يخرج من الطعام بعد استقراره في المعدة إلا المتغير عن الطعام يعني أن القيء إذا تغير عن الطعام فإنه يكون نجسا، أما إن تغير بأحد أوصاف العذرة فواضح، وأما إن تغير بالحموضة فكذلك على المعتمد. ومثل القيء القلس في التفصيل، وهو دفعة من الماء تقذفها المعدة أو تقذفها ريح من فم المعدة وقد يكون معها طعام والحاصل أن ما تغير من القيء والقلس بأحد أوصاف العذرة أو بالحموضة فنجس، وأما ما تغير منهما ببلغم أو صفراء فطاهر، وما حكي عن ابن رشد من أن القلس ماء حامض وهو طاهر فهو مبني على أن القيء لا ينجس إلا بمشابهة أحد أوصاف العذرة أو بمقاربتها وهو ضعيف.