للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من كلام المصنف أنه لا يخرج لعيادة غير الأبوين، ولا يجوز له الخروج، وأنه إن خرج بطل اعتكافه، ولو لم يخرج لمرض أبويه بطل اعتكافه على أحد التأويلين الآتيين.

وبما قررت علم أن التشبيه في قوله: "كمرض أبويه"، في وجوب الخروج والبطلان. الباجي: وإذا كان الوالدان حيين لزمه طلب مرضاتهما واجتناب سخطهما، وقوله: "كمرض أبويه"، قال الشيخ علي الأجهوري: أي كمرض أحد أبويه وأولى مرضهما، وهذا وما بعده يجري في الأبوين الكافرين، ومراده بأبويه أبواه دنية -كذا ينبغي-، وقوله: "كمرض أبويه"، ظاهره: ولو كان المرض خفيفا والاعتكاف منذورا، وقد مر أنه إن لم يخرج بطل اعتكافه على أحد التأويلين أي للعقوق. ابن الحاجب: ويبني من خرج لتعين جهاد على الأصح، وإليه رجع مالك. انتهى. ومقابل الأصح أنه يستأنف. لا جنازتهما؛ يعني أن المعتكف لا يخرج لجنازة أبويه، ولا لجنازة أحدهما بعد موت الآخر؛ أي لا يجوز له الخروج لأجل ذلك، فإن خرج بطل اعتكافه، وأما جنازة أحدهما والآخر حي فيخرج وجوبا خوف عقوق الحي، ويبطل اعتكافه.

وبما قررت علم أن قوله: معا إنما احترز به عن موت أحدهما والآخر حي؛ لأن عدم خروجه حينئذ مظنة عقوق الحي؛ لأنه يسخطه ولا يرضاه، ويعتقد أنه يفعل به ذلك فيسوءه، فيجب عليه الخروج. قاله الشيخ عبد الباقي. وقال الشيخ محمد بن الحسن: إن ذلك يفتقر إلى نص، وسيأتي عن الأمير ما يرشح ما لعبد الباقي. والله سبحانه أعلم. وأما جنازة أحدهما بعد موت الآخر فكجنازتهما معا. والله سبحانه أعلم، ورد المصنف بقوله: "لا جنازتهما معا"، قول سند بعد أن نقل قبول الباجي لكلام الإمام أنه لا يخرج لجنازتهما معا، حيث قال -أي الباجي-: إذا كانا حيين لزمه طلب مرضاتهما واجتناب ما يسخطهما، فيخرج لهما، ولا يلزمه الخروج لجنازتهما. انتهى. في ذلك -أي كلام الباجي- نظر، فإن من حقوق الأبوين أن يعودهما إذا مرضا، ويصلي عليهما إذا ماتا، انتهى.

وفي الموطإ: لا يخرج لجنازتهما. ابن رشد: لأن ذلك غير عقوق. انتهى. وقال الأمير: كمرض أحد أبويه وأولى هما معا، وجنازة أحدهما إن كان الآخر حيا؛ لأن مكثه عقوق للحي، وأما من مات