للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كمطلق الجوار. للمسجد بضم الجيم وكسرها، والكسو هو الأفصح؛ يعني أن الشخص إذا قال: لله علي أن أجاور المسجد عشرة أيام بلياليها -مثلا- فإنه بمنزلة ما إذا نذر أن يعتكف ذلك، قال الحطاب: قال سند: من قال لله علي أن أجاور المسجد ليلا ونهارا عدة أيام، فهذا نذر اعتكاف بلفظ الجوار، فلا فرق في المعنى بين قوله: أعتكف عشرة أيام أو أجاور عشرة أيام، يلزم في ذلك ما يلزم في الاعتكاف، ويمتنع فيه ما يمتنع في الاعتكاف، واللفظ لا يراد لعينه وإنما يراد لمعناه، ولو لم يسم اعتكافا ولا جوارا إلا أنه نوى ملازمة المسجد لعبادة أياما متوالية وشرع في ذلك فإنه يلزمه سنة الاعتكاف. انتهى كلام الحطاب.

قال جامعه عفا الله تعالى عنه: هذا صريح أو كالصريح في أن الاعتكاف يلزم بأي لفظ يدل على معناه.

وبما قررت علم أن قوله: "كمطلق الجوار"، تشبيه تام في جميع ما مر من أحكام الاعتكاف، فيلزمه تتابعه إن نوى التتابع أو لم ينو شيئا، ويلزمه الصوم ويمنع فيه ما يمنع في الاعتكاف ويبطله ما يبطله، ويبني فيه كما يبني في الاعتكاف، والمراد بالمطلق ما لم يقيد بنهار فقط ولا بليل فقط ولا بفطر، والأولى أن يقول المصنف: كالجوار المطلق، واحترز المصنف بالمطلق عن الجوار المقيد؛ وهو المشار إليه بقوله: لا النهار؛ يعني أن الجوار المقيد بالنهار فقط، أو بالليل فقط، ليس كالمطلق، فليس كالاعتكاف في الأحكام، فلا يلزم بالنية، وإنما يلزم باللفظ، وكذا الجوار المطلق الذي نوى فيه الفطر، فإنه لا يلزم إلا باللفظ كالجوار المقيد بالنهار فقط أو بالليل فقط، فإذا قال: لله على أن أجاور المسجد نهارا؛ يعني به يوم الجمعة فقط مثلا دون ليلتها، فإنه يلزمه ملازمة المسجد في ذلك اليوم، وكذا لو قيد بليلة يوم الجمعة فقط فإنه يجب عليه أن يلازم المسجد تلك الليلة، ولا يلزم فيه حينئذ صوم؛ يعني أن الجوار المقيد لا يلزم إلا باللفظ -كما علمت- فإذا لفظ به لزمه، ولكن لا يلزم فيه حينئذ؛ أي حين لفظه بالنذر صوم ولا غيره من لوازم الاعتكاف، لكنه لا يخرج من المسجد لعيادة المريض ونحوها؛ لأن ذلك مناف لنذر مجاورة المسجد، ويخرج لما يخرج له المعتكف، ولا يخرج لما لا يخرج له المعتكف.