واعلم أن الجوار المقيد بالنهار فقط، أو بالليل فقط، أو المنوي فيه الفطر سواءٌ في الحكم، وإنما اقتصر المصنف على المقيد بالنهار فقط، لقوله:"ولا يلزم فيه حينئذ صوم"؛ يعني ولا غيره من لوازم الاعتكاف، مع أن المقيد بالليل فقط، والمطلق الذي نوى فيه الفطر كذلك -كما علمت- إذ هذان الأخيران لا يتوهم فيهما الصوم حتى يحتاج لنفيه، وأما إذا نوى الجوار نهارا ولم ينذره، فقال إمالنا مالك في المجموعة: له أن يجامع أهله خارج المسجد. الباجي: ويخرج في حوائجه، ولعيادة المريض، وشهود الجنائز. قوله:"وَلا يَلْزَمُ فِيهِ حِينَئِذٍ صَوم"، ولا تحرم المباشرة على المجاور، وكذا لا يحرم عليه الوطء وإن كان ممنوعا منه في المسجد لحرمة المسجد حتى لو جامع خارج المسجد لم يأثم. أبو الحسن: والجوار مندوب إليه من نوافل الخير، وقوله:"فباللفظ"، قال في التوضيح: وأما عقده بالقلب فذلك جار على الخلاف في انعقاد اليمين بالقلب. وفي يوم دخوله؛ يعني أن الجوار المقيد لا يلزم بالنية كما عرفت؛ أي لا يلزم بالنية وحدها، فإذا انضم إليها فعل وهو الدخول في المسجد، فهل يلزمه أن يكمل ذلك اليوم الذي دخل فيه؟ سواء نوى المجاورة في يوم مفرد، أو نوى أن يجاور المسجد أياما، أو لا يلزمه أن يكمل ذلك اليوم الذي دخل فيه مفردا أو مع أيام؟ في ذلك طويلان؛ أي اختلف الشيوخ في فهم المدونة في ذلك على تأويلين، فتأولها ابن يونس وعبد الحق على أنه يلزمه إتمام ذلك اليوم الذي دخل فيه المسجد للمجاورة، وتأولها أبو عمران على أنه لا يلزمه إتمام ذلك اليوم.
وقوله:"وفي يوم دخوله"، سواء كان اليوم الذي دخل فيه أولا أو ثانيا أو ثالثا أو غير ذلك كما في الحطاب.
وبما قررت علم أن كلام المصنف عام فيمن نوى يوما واحدا أو أياما كما للشارح والحطاب والتتائي وغيرهم، وقوله:"وفي يوم دخوله تأويلان"؛ يعني، وأما اليوم الذي بعده فلا يلزمه اتفاقا، ومحل عدم لزوم النهار فقط مع النية حيث كان من عادته الفطر كأهل مكة، وأما لو نوى الصوم في النهار أو كان من عادته الصوم فيه، فإنه يلزم بالنية، والدخول فيه كالاعتكاف كما هو نص ابن رشد. قاله الخرشي. وقوله:"تأويلان"، الذي يظهر من كلامهم أن الراجح هو التأويل بعدم اللزوم؛ لأن سندا حكى الاتفاق فيمن نوى مجاورة يوم أنه لا يلزمه إتمامه بالدخول فيه.