تنبيهان: الأول: علم مما مر أن الجوار أربعة أقسام: الجوار المطلق الذي لم ينو فيه الفطر حكمه كالاعتكاف من غير فرق لأنه اعتكاف بلفظ الجوار، الجوار المطلق الذي نوى فيه الفطر، والمقيد بالنهار فقط، أو بالليل فقط وهذه الثلاثة ليس لها حكم الاعتكاف كما مر، إلا أن عدم لزوم الجوار المقيد بالنهار فقط بالنية محله في غير من نوى الصوم بالنهار أو في غير من كانت عادته الصوم فيه، وأما لو نوى الصوم بالنهار أو كانت عادته الصوم فيه فإنه يلزم بالنية مع الدخول فيه كالاعتكاف.
الثاني: لو نوى جوار المسجد ما دام فيه أو وقتا معينا لم يلزم ببقية ذلك اليوم على ما قاله سند وابن رشد وأبو عمران، وكذا على قول ابن يونس وعبد الحق فيما يظهر، وقد صرح بذلك في المدخل. قاله الحطاب. وفي النكت: إذا نوى عكوف أيام أو شهر أو شهور لزمه بالدخول في يوم من أيامها؛ لأن ذلك لاتصاله كيوم واحد، بخلاف من نوى صوما، هذا وإن نواه متتابعا لم يلزمه إلا اليوم الذي دخل فيه -خاصة- لأنه ليس عمل الصوم متصلا؛ لأن الليل فاصل عن الصوم، والعكوف عمله متصل بالليل والنهار، فهو كاليوم الواحد في الصوم، انتهى. نقله الحطاب.
قال مؤلفه عفا الله تعالى عنه: حاصله: أَنَّ الفَرْقَ بين من نوى أن يصوم عشرة أيام متتابعة ولم يوجبها باللفظ، لا يلزمه منها إلا اليوم الأول الذي بيت صومه، ومن نوى أن يعتكف عشرة أيام حين دخوله، فَصْلُ العمل بالليل في الصوم، واتصاله في النهار والليل في الاعتكاف. والله سبحانه أعلم.
وإتيان ساحل لناذر صوم به مطلقا، الساحل في الأصل شاطئ البحر، والمراد به هنا محل الرباط، كدمياط واسكندرية وعسقلان ونحوها، والضمير في "به"، عائد على قوله:"ساحل"، وقوله:"مطلقا"؛ أي سواء كان المكان الذي فيه الناذر فاضلا كمكة والمدينة والمسجد الأقصى ونذر أن يصوم بدمياط مثلا، أو مساويا أو مفضولا، وإيضاح كلام المصنف أن من نذر أن يصوم بساحل من السواحل، فعليه أن يأتيه ليصوم فيه، يريد إذا كان ذلك محل رباط يتقرب إلى الله عز وجل بإتيانه، فكأنه قال: وإتيان ثغر، وسواء كان الناذر في بلد أشرف منه -كما مر التمثيل له- أو لم يكن أشرف منه، وقوله:": لناذر صوم"، وأما من نذر الصلاة بثغر، فإن نذر أن يأتيه لصلاة ويعود