قولان في الاعتكاف والصلاة والصوم، وعند بعضهم: يفعل الصوم بموضعه من غير قولين، وظاهر المصنف أنه يفعل ذلك بموضعه مطلقا.
وتحصل مما مر أن من نذر عبادة من صوم أو صلاة أو اعتكاف بأحد المساجد الثلاثة، يلزمه الإتيان إلى الموضع الذي نذره ويفعل فيه ما ذكر، وهل إلا أن يكون محل النذر أفضل فيفعله فيه، أو ولو كان أفضل خلاف، وأن من نذر الاعتكاف في غيرها لا يلزمه الإتيان إليه بل يفعله في موضعه، سواء كان الغير ساحلا أو غيره قرب جدا أو بعد، وقيل: إن قرب جدا يذهب إليه ويفعله به، وأن من نذر الصوم والصلاة بساحل يلزمه الإتيان إليه ليفعله به، وأن من نذر الصوم والصلاة بغير المساجد الثلاثة والسواحل يفعلهما بموضعه ولا يذهب للغير قرب أو بعد، وقيل: إن قرب جدا يذهب إليه ويفعله به. والله سبحانه أعلم.
ولما تكلم على شروط الاعتكاف وأركانه ومفسداته وما يتعلق بذلك، شرع يتكلم على مكروهاته، فقال: وكره أكله خارج المسجد؛ يعني أنه يكره للمعتكف أن يأكل خارج المسجد بفنائه أو رحبته الخارجة عنه، فإن أكل خارجا عن ذلك بطل اعتكافه، وما ذكره المصنف من التفصيل للمدونة والمجموعة، وعليه يحمل ما قاله الباجي من إطلاق البطان بالخروج من المسجد برحبته التي هي صحنه، وما كان داخلا فيه، فلا يكره أكله بهما، ففي المدونة: ولا يأكل ولا يشرب إلا في المسجد وفي رحبه، وأكره أن يخرج منه فيأكل بين يدي بابه، وظاهر المصنف كالمدونة كراهة الأكل خارجه ولو خف الأكل، وقرب الخارج جدا، وعدم كراهة الشرب. قاله عبد الباقي والخرشي والشبراخيتي. وزاد الشبراخيتي والخرشي: وفي المدونة ما يفيد أن الشرب كالأكل في الكراهة. انتهى. ونحوه للأجهوري، وقال: لو قال المصنف: وكره أكله بفناء المسجد لسلم مما يرد عليه لشموله للأكل خارج الفناء أيضا، ولا بأس بالأكل داخل النارة ويغلقها عليه، وإنما طلب بغلق المنارة عليه زيادة في الستر وحسما من أن يتشاغل مع من يأتي بالتحدث ونحوه. قاله الخرشي. وكلام المصنف مقيد لما في إحياء الموات من كراهة الأكل الكثير في المسجد؛ إذ أكل المعتكف في المسجد مطلوب.