تنبيه: سنل ابن القاسم وابن وهب عن طعام الفجاءة يغشى الرجل القوم وهم يأكلون فيدعونه؟
فقالا: حسن جميل أن يجيبهم إذا دعوه، وإن لم يدعوه فلا يأكل. ابن رشد: ينبغي أن يعمل بما يظهر من حالهم، فإن ظهر له منهم استبشارهم وسرورهم بأكله معهم استحب له أن يجيبهم إذا دعوه، وإن ظهر له منهم أنهم كرهوا غشيانه إياهم وهم يأكلون وإنما دعود استحياء منهم، كره له أن يجيبهم، وإن لم يتبين له أحد الوصفين جاز له أن يجيبهم من غير استحباب ولا كراهة. ابن هلال. واعتكاف غير مكفي؛ يعني أنه يكره للإنسان أن يعتكف غير واجد من يكفيه مؤنته من طعام وشراب ونحو ذلك حتى لا يخرج إلا لحاجة الإنسان، وإذا اعتكف غير مكفي فله الخروج لشراء طعام ونحوه، ولا يقف مع أحد يحدثه، ولا لقضاء دين أو طلب حق، ولا يمكث بعد قضاء حاجته زمانا لأنه يخرج بذلك عن عمل الاعتكاف كحرمة الصلاة عند خروج راعف فيها لغسل دم، فإن فعل شيئا من ذلك فسد اعتكافه، قال إمامنا مالك: وندب شراؤه من أقرب الأسواق إلى المسجد. قاله الشيخ عبد الباقي.
وقال ابن الحاجب: يخرج المعتكف لحاجة الإنسان أو لمعيشة إن احتاج ولو بعد، قال في توضيحه: يعني إذا لم يجد إلا ذلك، ولو وجد الأقرب ثم تعداه فذلك مكروه أو مفسد. انتهى. وظاهره أن له الخروج لحاجته، ولو وجد من يقوم مقامه في ذلك بغير عوض أو بعوض لا يشق مثله به. قاله الخرشي، وغيره. قوله:"واعتكافه غير مكفي"، يشمل ما إذا لم يجد كافيا، أو وجده وتركه واعتكف، وفي الحطاب: ولا يخرج لشراء طعام ولا غيره، ولا يدخل حتى يُعِدَّ ما يصلحه، ولا يعتكف إلا من كان مكفيا حتى لا يخرج إلا لحاجة الإنسان. انتهى المراد منه. وقد مر أنه إذا خرج لقضاء الحاجة لا يقف بعد قضاء الحاجة يحدث أحدا مثلا، وأنه إن فعل ذلك فسد اعتكافه، وقوله:"غير"، حال من الضمير في اعتكافه ودخوله منزلة؛ يعني أنه يكره للمعتكف إذا خرج لحاجة -كما للأمير- أن يدخل منزلة الساكن فيه القريب من المسجد وفيه أهله، فإن لم يكن قريبا من المسجد بطل اعتكافه، فإن كان قريبا من المسجد ولم يكن به أهله لم يكره له دخوله، وإن دخل أسفل القريب وأهله بالعلو فلا كراهة، وما ذكره المصنف من الكراهة