حيث لم يبق منه يسير بل بقي منه كثير، وأما إن بقي من اعتكافه يسير وقد لد بالاعتكاف فإنه يكره إخراجه لحكومة.
وعلم مما قررت أن كلا من منطوق المصنف ومفهومه مقيد، فالمنطوق مقيد بما إذا بقي من اعتكافه زمن لا يحصل لرب الحق ضرر بصبره لفراغه، وإلا لم يكره -كما علمت- والمفهوم مقيد بما إذا بقي من اعتكافه كثير، فإن بقي منه يسير كُرِهَ إخراجه كما مر، وصحح ابن الحاجب بناءه إذا أخرجه الحاكم مكرها، وظاهره كره له إخراجه أم لا، ومفهومه أنه لو خرج باختياره لم يبن ويبطل اعتكافه وهو كذلك. قاله الشبراخيتي. وقال الحطاب: قال في المدونة: وإن خرج يطلب حدا أو دينا أو أخرج فيما عليه من حد أو دين فسد اعتكافه، وقال ابن نافع عن مالك: إن أخرجه قاض لخصومة أو غيرها، فأحب إلي أن يبتدئ اعتكافه، وإن بنى أجزأه، ولا ينبغي له إخراجه لخصومة أو غيرها حتى يتم إلا أن يتبين له أنه إنما اعتكف لددا فيرى رأيه فيه. انتهى. انتهى.
وقال محمد بن الحسن بعد أن نقل كلام المدونة -أعني وإن خرج يطلب حدا إلى قولها وإن بنى أجزأه- ما نصه: قال مصطفى: وظاهر إطلاقها سواء ألد باعتكافه أم لا، وقال القلشاني في شرح الرسالة: إن خرج كارها وكان اعتكافه هربا من ذلك الحق فخروجُه يبطل اعتكافه اتفاقا. انتهى. ونحوه في الجواهر. وجاز إقراء قرآن؛ يعني أنه يجوز للمعتكف أن يعلم غيره القرآن بموضعه، لقول الجلاب: ولا بأس أن يقري غيره القرآن بموضعه، لكن ذكر الحطاب أنه يكره تعليمه القرآن كما يفيده كلام سند، وأن ما في الجلاب خلاف المعتمد. قاله غير واحد. وليس للقاضي أن يعتكف؛ إذ لا يقضي بين الناس حالة اعتكافه، فمنع من الاعتكاف لما تعلق به من حقوق الناس، وعبارة عبد الباقي: وجاز للمعتكف إقراء قرآن أو قراءته على غيره أو سماعه من غيره لا على وجه التعليم أو التعلم، وإلا كره على المذهب كما في الحطاب، ثم الجواز منصب على الإقدام على سماعه من غيره لا لتعلم أو تعليم، وإن كانت القراءة مستحبة وكذا سماعها. انتهى. وقال الحطاب بعد جلب أنقال: فيحمل كلام المصنف على أن المراد قراءة القرآن على الغير وسماعه من الغير. انتهى. وقيد الشارمساحي في شرحه للجلاب كلام الجلاب بما إذا لم يقصد