يؤمر بتركه فهذا يحرم من الميقات، ومن كان منهم ابن ثمان سنين أو سبع ولا يجتنب ما يؤمر باجتنابه فهذا أيضا يقرب من الحرم ويجنب ما يجتنبه الكبير. انتهى.
وقال ابن فرحون: للولي أن يحج بالصبي، ويلبي الطفل الذي يتكلم، والذي لا يتكلم يلبي عنه، وقال ابن عبد البر في التمهيد بعد أن ذكر جواز الحج بالصبيان عن مالك والشافعي وفقهاء الحجاز والثوري وأبي حنيفة والكوفيين والأوزاعي والليث وغيرهم من أهل مصر والشام وكل من ذكرناه: يستحب الحج بالصبيان، ويأمر به ويستحسنه، وعلى ذلك جمهور العلماء في كل قرن، وقالت طائفة: لا يحج بالصبيان، وهو قول لا يشتغل به ولا يعرج عليه. انتهى. قاله الحطاب.
ونقل عن بعضهم الاتفاق على أنه يستحب لكافل الصبي تمرينه على العبادات حتى تصير له كالعادات، وفيه أنه لا اختلاف بين العلماء أن الصبي يثاب على ما يفعله من الطاعات ويعفي عنه ما يجترحه من السيئات، وأن عمده كالخطإ، وكان من أخلاق المسلمين أن يحجوا بأبنائهم يعرضونهم لله تعالى، وفي أبي داوود أنه صلى الله عليه وسلم، قال:[أيما صبي حج به أهله فمات أجزأ عنه، فإن أدرك فعليه الحج، وأيما عبد حج به أهله فمات أجزأ عنه فإن عتق فعليه الحج](١).
تنبيهات: الأول: قول المصنف: "فيحرم ولي"، اعلم أن الولي هنا يشمل الأب والوصي من قِبَلِهِ أو قِبَلِ القاضي، ويتنزل منزلة الولي كل من كان الصبي في كفالته ولو بغير وصية من قريب أو غيره. قاله في الطراز. قاله الحطاب.
الثاني: اعلم أن سفر الولي بالصبي حيث كان الولي حاجا على وجهين: جائز وممنوع -كما يأتي إن شاء الله تعالى- ففي الوجه الجائز له أن يحرم به لأنها مصلحة في دينه ولا كبير ضرر على الصبي فيها، وكذلك له أن يحرم به أيضا في الوجه الممنوع على ما قاله اللخمي، ونصه: قال ابن القاسم: وإذا جاز للوصي أن يخرجه جاز له أن يُحِجُّهُ، وأرى أن لو خرج به تعديا لأنه لا يخشى عليه لو خلفه أنه يجوز له أن يحرم به؛ لأن التعدي إنما كان قبل، فإذا وصل إلى الميقات كان إحرامه أولى وأفضل، وزيادة النفقة على وليه. انتهى. وكلامه في الطراز يقتضي أنه
(١) أبو داود في المراسيل، باب الحج، الحديث: ١٣٠، وفيه: (فأيما مملوك) بدل (عبدٍ).