للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا أحرم وهو صبي فبلغ قبل عمل شيء من الحج، فقال مالك: لا يرفض إحرامه ويتم حجه ولا يجزئه عن حجة الإسلام، وأبو حنيفة: يلزمه تجديد النية ورفض الأولى، وقال الشافعي: يجزئه ولا يحتاج إلى تجديد نية، وكذلك اختلفوا على هذا في العبد يحرم ثم يعتق سواء، واختلف عن مالك في الرضيع ومن لا يفقه، هل يحج به أم لا؟ وقوله: "فيحرم ولي عن رضيع"؛ أي ندبا -كما مر- لما سيأتي أن غير المكلف يجوز له دخول الحرم بغير إحرام ولو أراد مكة. وجرد؛ يعني أن الصبي ولو رضيعا ومثله المجنون؛ إذا أراد الولي أبا أو غيره أن يحرم عنهما فإنه يجردهما من المحيط وجوبا، فيجرد الصبي الذكر ولو رضيعا، ووجه الأنثى وكفيها ككبيرة، وقوله: "فيحرم ولي" لخ، ليس المراد بإحرام الولي عنه حقيقته، وإنما المراد أن يجرده وينوي إدخاله في حرمة الإحرام. وقوله: قرب الحرم، ظرف متعلق بقوله: "فيحرم"، لا "بجرد"؛ يعني أن الولي يحرم عن الرضيع قرب الحرم -أي مكة شرفها الله تعالى- وذلك أن ينوي أنه أدخله في حرمة الإحرام، وإذا أراد الإحرام به جرده، ولو قدم قوله: "قرب الحرم"، على قوله: "وجرد"، لكان أحسن وأبين؛ لأن مذهب المدونة أنه بمجرد إحرامه يجنبه ما يجتنب الكبير، وذلك أن غير البالغ على ثلاثة أقسام: مراهق، ورضيع، وبين ذلك. ويجوز للولي أن يدخل الجميع بغير إحرام، وأن يحرم بهم من الميقات أو بعده أو قرب الحرم، والأولى أن يؤخر إحرام الرضيع ومن فوقه ممن لا يجتنب ما نهي عنه إلى قرب الحرم، وأن يحرم المناهز من الميقات. قاله الحطاب. وقد مر أن المراد بالإحرام، عن الرضيع تجريده ونية إدخاله في حرمة الإحرام وذلك لأن الحج إنما ينعقد بنية مع قول أو فعل تعلقا به كما يأتي، وهم جعلوا تجريده كالتوجه في حق غيره، ولا يشترط أن يكون الولي محرما ولا أن يتساويا في الإحرام، والمراد به من يلي أمره بإيصاء أو غيره، وخص الرضيع للخلاف في الإحرام به، وإلا فمثله من لم يميز بدليل مقابلته بقوله: "والمميز" لخ:

وقال مالك: ومن أراد أن يحج صبيا صغيرا لا يتكلم فلا يلبي عنه، ويجرده إذا دنا من الحرم، وإذا جرده كان محرما، ويجنبه ما يجتنب الكبير، ومن كان من الصبيان قد ناهز، ويترك ما