الآية. ولا يعترض بأن الإحياء في الآخرة وأما في الدنيا فإنشاء لا إحياء لأن الإجماع على أن النشأة الثانية كالأولى ابن عبد السلام، وانظر تحقيق هذا الإجماع فقد جاء أن أهل الجنة طول أحدهم ستون ذراعا، وأن الكافر يعظم في جهنم حتى يكون سنة كأحد، ولا مانع أن يحيي الله ما كان ميتا في الدنيا تكميلا لنعمته أو عذابه، ويمكن أن يجاب عن هذا بأن الزيادة في طول أهل الجنة بعد دخولهم الجنة وذلك لا ينافي أن يكونوا في المحشر على صورتهم في الدنيا وكذلك القول في أهل النار نقله الشبراخيتي عن التوضيح. قال ونبه المصنف على هذه دون غيرها كاللحم والعصب والعروق ونحوها للخلاف فيما ذكر دون ما قلنا، وحينئذ فسكوته عنها لدخولها من باب أحرى لعدم الخلاف في نجاستها، يعني أن الجلد إذا أبين من حي أو ميت فإنه نجس حيث لم يدبغ إجماعا بل ولو دبغ على المشهور المعلوم من قول مالك: فلا يجوز بيعه ولا الصلاة به وهيئة الدباغ نزع الفضلات بالأشياء المعتادة في ذلك، وفي الطراز: والظاهر أنه لا يعتبر فيه آلة انتهى. ولا يتوقف الدبغ على فعل فاعل فإن وقع الجلد في مدبغة طهر، وما روى الباجي من أن الدباغ ما أزال الشعر والريح والدسم فيه نظر؛ إذ لا يلزم زوال الشعر إلا على قول الشافعي إن صوف الميتة نجس وأن طهارة جلد الميتة بالدبغ لا تتعدى لطهارة الشعر، ومقتضى ما تقدم أنه يكفي التراب والرماد والملح وغير ذلك مما ينزع الفضلات. وفي النووي الشافعي ولا يكفي في الدبغ تيبيسه بالشمس خلافا للحنفية ولا التراب ولا الرماد ولا الملح على الأصح في الجميع، والأصح صحته بالأدوية النجسة والمتنجسة كذرق الحمام والشب المتنجس ثم يجب غسله بعد الدباغ اتفاقا ولا يفتقر الدبغ إلى كون الدابغ مسلما، ورد المص بلو قول يحيى بن سعيد: ما دبغ بد جلد الميتة من دقيق أو ملح أو قرظ فهو له طهور انتهى. وحكمة الدباغ إنما هي بأن يزيل عفونة الجلد ويهيئه للانتفاع به على الدوام فما أفاد ذلك جاز به، وفي الحديث (أيما إهاب دبغ فقد طهر)(١)، وقيدوه باستعماله في يابس وماء كما سيذكره المص، ورخص فيه يعني أن الإمام رضي الله عنه رخص في استعمال جلد الميتة مطلقا أي من مأكول اللحم وغيره إلا
(١) الترمذي، كتاب اللباس، رقم الحديث: ١٧٢٨ - النسائي، كتاب الفرع والعتيرة، رقم الحديث: ٤٢٤٧.- ابن ماجه، كتاب اللباس، رقم الحديث ٣٦٠٩.