ومطبق، معطوف على رضيع، وهو صفة لمحذوف؛ يعني أن الولي يحرم ندبا عن المجنون المطبق قرب الحرم ويجرده، وَأَجْرِهِ في جميع أحكامه على ما مر في الصبي غير المميز من غير فرق بينهما يا فتى، والمطبق هو الذي لا يفهم الخطاب، ولا يحسن رد الجواب، ولو كان يميز بين الإنسان والفرس، واحترز بالمطبق عن الذي يفيق أحيانا، فإنه ينتظر ولا ينعقد عليه إحرام غيره، فإن علم بالعادة أنه لا يفيق حتى ينقضي الحج صار كالمطبق كما قاله غير واحد، ولو أحرم الولي عن المطبق ثم أفاق بعد إحرام وليه عنه فالظاهر أن الإحرام يلزمه وليس له رفضه وتجديد إحرام بالفرض، ولا يجزئه عن الفرض. قاله الشيخ إبراهيم وغيره. لا مغمي؛ يعني أن الولي لا يحرم عن المغمى عليه؛ أي لا يصح إحرامه عنه ولا يندب، أحْرَمَ بفرض أو نفل. وقوله:"لا مغمي"؛ يعني ولو خيف فوات الحج لأنه مظنة عدم الطول ويرجي زواله بالقرب غالبا، بخلاف المطبق فإنه شبيه بالصبي لطول مدته، وصح الإحرام عن الصبي لأنه يتبع غيره في أصل الدين، فإن لم يفق المغمى عليه إلا بعد زمن الحج فلا شيء عليه، فإن أفاق في زمن يدرك الوقوف فيه أحرم وأدركه ولا دم عليه في عدم رجوعه إلى الميقات، وسيأتي حكم طرو إغمائه بعد إحرامه إن شاء الله تعالى.
وفي الحطاب بعد جلب نقول: فتحصل من هذا أن للمغمى عليه قبل الإحرام أربع حالات: الأُولَى: أن لا يفيق أصلا من أول الحج إلى كماله، الثانية: أن يفيق في أثناء الحج بعد وقت الوقوف فهذا قد فاته الحج في الصورتين، الثالثة: أن يفيق بعرفة فهذا يحرم حينئذ ويلبي إلى الزوال إن كانت إفاقته قبل الزوال، وإن كانت إفاقته بعد الزوال فيلبي ثم يقطع في حينه على المشهور، الرابعة: أن يفيق قبل عرفة فإن أمكنه أن يرجع إلى الميقات فيحرم منه فالأحسن له أن يرجع، فإن لم يفعل وأحرم من موضعه أجزأه ولا دم عليه. والله أعلم. انتهى كلام الحطاب.
والمميز بإذنه، قوله:"والمميز"، عطف على قوله:"ولي"، أو فاعل فعل محذوف تقديره: يحرم، والضمير في "بإذنه"، عائد على الولي؛ يعني أن الصبي المميز يحرم عن نفسه من الميقات، لكن إنما يحرم بإذن وليه، والمميز هو الذي يفهم الخطاب ويحسن رد الجوابْ ومقاصد الكلامْ، ولا ينضبط بسن مخصوص بل يختلف باختلاف الأفهام، قال الشبراخيتي: ومن أحرم ثم بلغ، فقال