للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قول المدونة: وإلا ضمن له ما أكرى له به، لم يفصل في ذلك، وقال في الطراز: كراء الدابة على من سافر به إلا قدر كراء بيته في مدة سفره إن كان مسكنه بالكراء، ولا ضمان على الولي لما طرأ في السفر من صنع الله تعالى على نفس الصبي من غير تفريط، مثل أن يفر أو يموت أو يقتل؛ إذ لا صنع للآدمي في ذلك -ذكره صاحب الطراز- فيما إذا سافر به ولم يخف عليه الضيعة. والله أعلم.

وقول المصنف: "إن خيف ضيعة"، الضيعة هي الضياع، والضياع بفتح الضاد الهلاك، ضاع الشيء يضيع ضياعا هلك، ولم يذكر المصنف حكم السفر بالصبي، قال سند في الطراز: السفر في أصله مضرة بالصبي في مُؤَنِهِ، ولمكان مشقته قصر المسافر وأفطر في رمضان، والصبي لا يسلك به وليه إلا سبيل المصلحة، فإن كان السفر مخوفا لشدة حر أو برد أو نحوه لم يجز له أن يخرج به لما فيه من التغرير به، وإن لم يكن مخوفا إلا أنه لا حاجة به إليه فالأب له أن يحمله معه لما في صحبته حينئذ من حسن النظر ولكمال شفقته، وله أن يتركه بعده لما عليه في السفر من المشقة والكلفة، وغير الأب لا يخرج به إذا وجد من يكفله بعده، فإن خاف ضيعته حمله، ونفقة الصبي في ماله إذا سافر به لمصلحته؛ لأن سفره من مصلحته في هذه الحالة، وله حينئذ أن يحرم به لأنها مصلحة دينية لا كبير ضرر فيها على الصبي لأنه مع وليه. انتهى.

وقال قبله: ولا يحج بالصبي إلا وليه أو وصية ومن له النظر في ماله؛ لأن ذلك يتعلق بإنفاق المال، فكان أمره أن له الولاية في ماله، وذلك الأب ووصيه وولي الحاكم، ولو كان في كفالة أحد بغير إيصاء فهل له ذلك؟ يختلف فيه، وقد قال مالك في الصبية من الأعراب تأخذهم السنة فيضمها الإنسان ويربيها ويريد تزويجها ومن أنظر لها منه؛ فعلى هذا إذا كان الصبي تحت أمه أو خالة أو عمة أو أخته وشبه ذلك يجوز له أن يحج به -يعني إذا خاف عليه الضيعة- وأما إن لم يخف عليه الضيعة فلا يحج به إلا الأب كما تقدم، وإن كان الأب حيا لم تسافر الأم به إلا بإذن الأب، وإن كان ميتا ولا وصي له فلها أن تسافر به إن خافت ضيعته. انتهي، قاله الحطاب.