لا يطرح الجميع لأجل الشك كما لو اختلطت تفاحة نجسة مثلا بتفاح انتهى. وقد مر عن الأمير أن تنجيس القملة للدقيق الذي عجن ولم تخرج منه هو الأقوى، وقال ابن ناجي في شرح قول المدونة: ومن أيقن أن نجاسة أصابت ثوبه لا يدري موضعها غسله كله وإن علم تلك الناحية غسلها قالوا: يقوم منها إذا وقعت قطعة من لحم خنزير في كدس لحم أنه إن علم تلك الناحية تركها وأكل ما بقي وإلا طرح كله انتهى. قال الحطاب: يمكن الجمع بينه وبين كلام ابن رشد بأن كلام ابن رشد فيما كان كثيرا جدا كما يظهر من كلامه، وفي الحطاب بعد جلب نقول فتحصل من هذا أن المشهور من المذهب أن ما ماتت فيه دابة، أو وقعت فيه ميتة، أو صب عليها وهي ميتة فإنه ينجس بمجرد ملاقاته ولا يقبل التطهير انتهى.
قال الشيخ محمد بن الحسن واعترضه الرماصي قائلا: ظاهر كلامهم أن المدار على إمكان التحلل والله أعلم، وما تقدم من أن الماء المضاف كالطعام المائع ينجس كثيرة بنجس قل خلاف ما نقله أحمد عن الناصر اللقاني أن الماء المضاف ليس كالطعام فإذا لاقته نجاسة ولم تغيره لم يتنجس انتهى.
كجامد يعني أن الطعام الجامد وهو الذي إذا أخذ منه شيء لا يتراد بسرعة إذا أصابته نجاسة فإنه يتنجس جميعه، وإنما يكون ذلك إن أمكن السريان أي إنما يتنجس جميعه إذا سرت النجاسة بجميعه تحقيقا أو ظنا، وأما الشك فلا يعتبر لأن الطعام لا يطرح بالشك، وبما قررت علم أن المراد بالإمكان الظن والتحقق لا ما يعطيه ظاهره من الشك والوهم والله سبحانه أعلم.
وإلا فبحسبه يعني أنه إذا لم يمكن سريان النجاسة بجميع الطعام الجامد بل سرت في بعضه لقلة مكثها فيه فإنه يطرح من ذلك الطعام بحسب أي بمقدار ما سرت النجاسة فيه تحقيقا أو ظنا، ويؤكل ما عداه، ولا عبرة بالشك فيباع ويؤكل ويبين عند البيع لاستقذار النفوس له، وسئل أبو جعفر عن صابون لا سائل ولا جامد وقعت فيه فارة هل يغسل به فقال: إن كان يميل إلى الجمود طرحت وما حولها، وإن كان يميل إلى الانحلال غسل به ثم يطهر الثوبُ قاله الحطاب، وإذا طرح من الجامد ما سرت النجاسة فيه فإن الباقي طاهر يؤكل كما مر ويباع ويبين عند البيع لأن النفوس تقذره.