واعلم أن معنى قولهم طرحت النجاسة وما حولها أي ما قاربها، وليس المراد ما التف عليها فقط لأنها إذا طرحت وحدها لا تطرح إلا بما يكنف عليها. واعلم أيضا أنه لا فرق بين كون النجاسة الواقعة في الجامد مائعة أو غير مائعة في أنه ينظر إلى إمكان السريان فلو وقعت نجاسة مائعة في عسل جامد ونحوه فإن أدركت في حال وقوعها فنزعت وما حولها لم يكن بباقيه بأس، وكذا لو وقعت قطرة من الدم في اللبن الجامد ورفعت بما حولها وتيقن أنه لم يبق لها أثر لم يكن بباقيه بأس بخلاف ما لو طال مقامها فيه بحيث يمكن سريانها في جميعه، ولو وقعت ريشة غير المذكى في طعام مائع طرح، وقد مر أن المدار على إمكان التحلل، وأفتى سحنون فيمن أتاهم من الفار في وقت الدراس ما لا يمكن الامتناع منه لكثرته أن هذا ضرورة، وإذا درسوا فليتقوا ما رأوا فيه جسد الفارة، وما رأوا فيه دما عزلوه وحرثوه وأكلوا ما سوى ذلك، ولهم بيع ما لم يروا فيه دما على البراءة أنه درس فيه فأرة، ويخرجون زكاته منه ولا يخرجون منه لغيره ويتصدق منه تطوعا، وما كان فيه الدم ظاهرا لا يباع ولكن يحرث، وأفتى ابن عرفة في هري زيتون وجدت فيه. فأرة ميتة بأنه نجس كله لا يقبل التطهير نقله البوزلي، قال: وكان يتقدم لنا أن الصواب في كل ما وجد فوق الفأر من الهري أنه طاهر وما تحته أنه يلقى وما حوله مما يقرب منه، ونقل عن اين أبي زيد أنه إذا مات في رأس مطمر خنزير ونحوه ألقي وما حوله وأكل ما بقي، ولو أقام مدة طويلة مما يظن أنه يسقى من صديده لم يؤكل.
ولا يطهر زيت خولط يعني أن المائعات من دهن ولبن وغيرهما إذا خالطتها نجاسة فإنها لا تقبل التطهير، وإنما نبه المص على الأدهان ردا لقول من قال إن الأدهان تطهر لأن الماء يخالطها ثم ينفصل عنها بخلاف غيرها فالخلاف إنما هو في الأدهان قاله الحطاب وغيره، وقال الشبراخيتي ورد المص على ابن اللباد القائل بتطهير الزيت، وكيفية ذلك عند القائل به أن يؤخذ إناء فيوضع فيه شيء من الزيت ويوضع عليه ماء أكثر منه ويثقب الإناء من أسفله ويسد بيد أو غيرها ويخض ثم يفتح فيزول الماء ويبقى الزيت يفعل ذلك مرة بعد مرة حتى يغلب على الظن زوال النجاسة. واعلم أن ما صبغ بصبغ نجس يقبل التطهير بأن يغسل حتى يزول طعمه ولو بقي لونه وريحه بدليل قوله الآتي: لا لون وريح عسرا قاله الشيخ عبد الباقي وغيره. وقوله: "ولا يطهر زيت