ظاهره ولو أقعدت قلة مملوءة ماء على عذرة رطبة لم يتنجس الماء لأن شأنه الرشح إلى أسفل، وتطهر قدور المجوس المطبوخ فيها الميتة بغلي الماء فيها كما في الحديث (١) فخرجت عن الأصل بالسنة، ومثل الفخار الطوب المحروق بنجس بناء على ما قدمه المص في رماد النجس، ولو طلي الفخار بما يمنع الغوص قَبلَ التطهيرَ، ولو أزيلت النجاسة عن الفخار في الحال وغسلت فالظاهر أنه يطهر. وعلم مما تقدم أن اللحم ونحوه مما فيه رطوبة إذا أصابته نجاسة بعد الطبخ أو قبله ولم يطبخ بها أنه يغسل ويؤكل وهو ظاهر إذا لم يتشربها، وإلا لم يؤكل كما مر والله أعلم. ثم إن عدم قبول الإناء التطهير إنما هو باعتبار الصلاة، وأما الطعام يوضع فيه فإنه لا ينجس لأنه لم تكن فيه أجزاء النجاسة، والمنصوص أن أواني الخمر وزقاقها يجوز استعمالها بعد غسلها وتنظيفها ولا بأس بحمل الطعام في الإناء العد للنجاسة قبل استعماله فيها إن كان لضرورة وإلا فلا ينبغي، وما يعاف في العادات يكره في العبادات كالأواني المعدة بصورها للنجاسات والصلاة في المراحيض الطاهرة والوضوء بالمستعمل، وللشافعية لا يجوز وضع مصحف على نعل نظيف لم يلبس، وقال العز يمنع من عمل حرفة خسيسة في المسجد كخياطة نعل.
وينتفع بمتنجس يعني أن الشئ الطاهر إذا تنجس فانه يجوز أن ينتفع له سواء كان لا يقبل التطهير كزيت تنجس أو يقبله على ما سنبينه إن شاء الله، وظاهر المص يشمل البيع وهو قول ابن وهب إنه يجوز، وترك المص التنبيه على ما في ذلك اعتمادا على ما في البيع لا نجس يعني أن الشيء الذي نجاسته ذاتية كالبول والخمر والميتة ونحوها لا يجوز الانتفاع به إلا جلد ميتة مدبوغ غير خنزير فيجوز لبسه كما صرح به الشارح عند قول المص: وعلى طرح ميتة، ويدخل في قوله هنا في يابس، وإلا إطعام ميتة لكلابه بإشلائها عليها اتفاقا، وكذا بحملها على المعروف من قول مالك وأصحابه خلافا لاقتصار الشارح على منع حملها لها، وإلا فتح بالوعة أو طفي نار بنجس غير خمر، وكذا به إن قصد إراقته فقط أو مع فتح البالوعة أو طفي النار لا إن قصد
(١) المستدرك، كتاب الأطعمة، ج ٤ ص ١٢٤. ولفظه: سمعت ابن عباس يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول ذكاة كل مسك دباغه فقلت له إنا نسافر مع هذه الأعاجم ومعهم قدور يطبخون فيها الميتة ولحم الخنزير فقال ما كان من فخار فأغلوا فيها الماء ثم اغسلوها وما كان من النحاس فاغسلوه فالماء طهور لكل شيء.