عينها وتموت ريحها، وقضت التجربة بإنجاح ذلك الدواء قولين بالجواز والمنع، قال: وإن لم تقض التجربة بإنجاحه لم يجز باتفاق انتهى. والظاهر المنع مطلقا قاله الحطاب. وأما التداوي بالخمر والنجس في ظاهر الجسد ففيه قولان والمشهور المنع، ومن هذا المعنى غسل القرحة بالبول إذا أنقاها بعد ذلك بالماء. ابن الحاجب والصحيح لا يجوز التداوي بما فيه خمر ولا بنجس. ابن عبد السلام وأجاز مالك لمن عثر أن يبول على عثرته، الباجي وغيره إنما هذا الخلاف في ظاهر الجسد يعني ويمتنع في الباطن اتفاقا وفي المقدمات ولا يجوز التداوي بشرب الخمر ولا بشرب شيء من النجاسات، وأما التداوي بذلك بغير شرب فمكروه بالخمر ومباح بالنجاسة ولم يحك في ذلك خلافا. وحكى الجزولي في ذلك ثلاثة أقوال: الجواز مطلقا، والمنع مطلقا، والتفصيل بين الخمر وغيرها، والمشهور أنه لا يجوز استعمال شحم الميتة في الوقود ولا طلي السفن ولا غير ذلك، وقال الأبهري وابن الجهم لا بأس أن يوقد بشحم الميتة إذا تحفظ منه. ويجوز التداوي بشرب بول الأنعام بلا خلاف، وكذلك بول كل ما يباح لحمه: وتقدم أن الألبان تابعة للحوم لكن قال ابن رشد عن مالك إنه لا بأس بالتداوي بلبن الأتن مراعاة للخلاف في جواز أكلها حكي ذلك عن ابن حبيب عن مالك وسعيد بن المسيب والقاسم وعطاء، وروي إباحة التداوي بها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإلى إجازة ذلك ذهب ابن الماجشون، وأبوالها نجسة لا يحل التداوي بشربها قال الجزولي: وكذلك الخيل والبغال، قال ومن أجاز أكلها يجيز ذلك وكذلك لبنها. سند من سقطت سنة فالظاهر أنه لا يجوز له ردها على القول بأن الإنسان ينجس بالموت لأنه عظم نجس كسن الكلب والخنزير وغيره وهو قول الشافعي، وأجازه أبو حنيفة وهو مقتضى مذهب ابن وهب من أصحاب مالك ومذهب ابن المواز وفي البرزلي إذا قلع الضرس وربط لا تجوز الصلاة به فإن رده والتحم جازت الصلاة به للضرورة.
واعلم أن من أجاز استعمال النجاسة في ظاهر الجسد فذلك إذا كان يمكن إزالتها قبل خروج وقت الصلاة، وأما إذا أدى إلى الصلاة بالنجاسة فلا فإن استعملها وجب عليه غسلها قاله الحطاب، ولا يصلَّى بلباس كافر يعني أنه تحرم الصلاة بلباس الكافر ذكرا أو أنثى كتابيا أو غيره ذميا أو حربيا كان اللباس ثوبا أو خفا باشر جسده أم لا ولو لكرأسه، فقوله:"ولا يصلى" أي تحريما كما