للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جعل له حلقة بسكون اللام من أحد النقدين، ومثله اللوح والمرآة ونحوهما مما فيه حلقة. المازري: والمذهب عندنا كراهة الشرب في الإناء المضبب كما كره النظر في مرآة فيها حلقة فضة. انتهى. وهذا يقوي ما تقدم عن الشيخ عبد الباقي من استواء القولين والله أعلم، والقولان في المضبب وذي الحلقة تفسيران لقول مالك في العتيبة: لا يعجبني أن يشرب في إناء مضبب ولا أن ينظر في مرآة فيها حلقة فإنه يحتمل الكراهة والتحريم، وإناء الجوهر يعني أنه اختلف في استعمال إناء الجوهر كالبلور والياقوت والزبرجد، واقتنائه على قولين بين الجواز والمنع وهما متساويان، ومن الجوهر الدر والزمرذ بالضمات وإعجام الذال، والبلَّور بكسر الوحدة وفتح اللام المشددة. وانظر لو اتخذ من الجوهر نحو عكاز هل يجري فيه الخلاف أو يتفق على المنع كالمرود ونحوه وهو الظاهر، وعلة المنع في إناء الجوهر الإسراف قولان في كل من الأمور الخمسة. قال الشيخ عبد الباقي: وعلم مما قررنا أن في المص ثلاثة أشياء إجماله في بيان القولين، وترك الاقتصار على الراجح في الأول وهو المنع، وأن الأخير تردد لا قولان انتهى. وقد بينت الإجمال في كل فبينت القول بالكراهة، والقول بالمنع، والقول بالجواز، وفي الإكمال. وهل يجوز لبس خاتم من هذه الجواهر أو يجعل الفص منه أو جعلها في العنق أو الذراع؟ لم أر فيه نصا، والظاهر أنه جار على اتخاذ الآنية، والقول بالجواز فيها للباجي وابن سابق وهو اختيار ابن رشد، والقول بالمنع لابن العربي في عارضته، وذكر ابن عرفة ثالثا بالكراهة.

واعلم أنه يجوز اتخاذ الأواني من الفخار ومن الحديد ومن الرصاص ومن الصفر والنحاس والخشب ومن العظام الطاهرة إجماعا قاله في القوانين قاله الحطاب. والظاهر أن العقيق ليس من أنواع الجوهر، (وأهديت له صلى الله عليه وسلم قدح قوارير فكان يشرب فيها الماء) (١)، وجاء رجل إلى الأمير أبي الحسن بلؤلؤة صغيرة ذكر أنه أخرجها من الماء العذب وشهد له بذلك شهود لا بأس بهم، وهذا خلاف المشهور أن التثنية في قوله تعالى {يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان} إنما هي للتغليب لأنه إنما يخرج من الأجاج انتهى. قاله الحطاب والمعنى على هذا يخرج من مجموعهما


(١) عن ابن عباس قال كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم قدح قوارير يشرب فيه. ابن ماجه في سننه، كتب الأشربة، رقم الحديث: ٣٤٣٥.