واعلم أن كل ما يحكم له بأنه ممنوع في هذا الفصل ففيه الفدية ما لم يصرح بأنه لا فدية فيه، كتقليبه السيف لغير ضرورة. قاله الحطاب. وستر وجه قوله:"وستر"، بالرفع معطوف علي "لبس"؛ يعني أنه يحرم على المرأة بإحرامها بحج أو عمرة ستر وجهها أو بعضه، ترفها أو لحر أو لبرر ولو لم تلاصق الستر، فلو غطت شيئا من وجهها فالفدية كما لو تبرقعت أو تعصبت. قاله في المناسك. ونص عبد الوهاب في شرح الرسالة في الكلام على غسل الوجه في الوضوء على أنه إن غطت المحرمة شيئا من وجهها وجبت عليها الفدية، ولو غطت ما في الصدغ من البياض لا يلزمها شيء، وذكره على وجه الاحتجاج به على أنه ليس من الوجه، فظاهره أنه متفق عليه، ونصه: وأما حد الوجه فهو عندنا من قصاص شعر الرأس إلى آخر الذقن طولا، ومن الصدغ عرضا، والبياض الذي وراء الصدغ إلى الأذن ليس من الوجه عند مالك، والذي يدل على سقوط غسله أن المرأة إذا أحرمت لزمها كشف جميع وجهها، ثم لا شيء عليها في تغطية هذا الموضع، ولو غطت شيئا من وجهها لزمها الفدية. انتهى. وما ذكره من وجوب الفدية فيما إذا غطت شيئا من وجهها؛ يعني به ما عدا ما يستره الخمار من وجهها فإنه يعفى عن ستره، قال في الطراز: لأنه لما كان عليها ستر رأسها ولا يمكن إلا بجزء من الوجه سترت من الوجه ما يستره الخمار في تخمير الرأس. [وقد (١)]، ستر ذلك على كشف جزء من الرأس؛ لأن الرأس عورة، وستر العورة فوق حق الإحرام. انتهى. والله أعلم. قاله الحطاب.
وقال عبد الباقي: وستر وجه أو بعضه. انتهى المراد منه. قال محمد بن الحسن: جزم في بعض وجه المرأة بأنه كجميعه تبعا للحطاب، وحكى فيما يأتي في بعض وجه الرجل تأويلين، وكلام التوضيح وابن عبد السلام يفيد أنهما سواء، وأن التأويلين في كل منهما واعتمده مصطفى. انتهى. إلا لستر؛ يعني أن حرمة ستر وجهها أو بعضه إنما هي فيما إذا سترت ما ذكر لغير قصد الستر عن الرجال، كما إذا سترته لحر أو برد أو ترفه أو لغير قصد، وأما إن كان ذلك لقصد الستر عن الرجال فلا يحرم ولو لاصقته، وقوله:"إلا لستر" اعلم أن الاستثناء متصل كما قاله محمد بن الحسن رادا على عبد الباقي في قوله: إنه منقطع، قال محمد بن الحسن: هو غير صواب، بل
(١) في الأصل: وفد، والمثبت من الحطاب ج ٣ ص ٥٦٣. ط دار الرضوان.