للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعلت ذلك وطال، وقد قال في المدونة في المرأة تتبرقع وتجافي البرقع عن وجهها: إن عليها الفدية، قال في الطراز: لأن البرقع مخيط وضع للوجه وقد عقدته عليه، فقد تم لبسه.

وأشار إلى المُحَّرم الذي تختص حرمته بالرجل: وعلى الرجل محبط. بعضو، عطفت الواو هنا شيئين على معمولي عامل واحد وذلك سائغ؛ يعني أنه يحرم بالإحرام على الرجل أن يلبس ما يحيط بعضو من أعضائه ويدخل فيه القبقاب، ولعله إذا كان سيره عريضا وإلا فلا، ولا يدخل المداس لأن المحرم يلبسه، والمراد بالرجل الذكر حرا كان أو عبدا كبيرا أو صغيرا وتتعلق الحرمة بولي الصغير، وقوله: "محيط"، بضم أوله وبكسر المهملة اسم فاعل من أحاط رباعيا؛ أي استدار كما ضبطه بعض تلامذة المصنف عنه، فيشمل المخيط بفتح أوله وبكسر المعجمة، وقوله: "بعضو"؛ أي محيط بعضو واحد من أعضائه، كيده مثلا فأحرى أكثر منه أو جميع بدنه، وقوله: "محيط"؛ يعني إذا لبسه على الوجه المعتاد، فلو ارتدى بثوب محيط أو بثوب مرقع برقاع أو بإزار كذلك فلا شيء عليه وهو جائز له، وإذا جاز الارتداء بالقميص فلأن يجوز الارتداء بالعباءة المحيطة والملحفة أولى كما قاله اللقاني عن عياض. وفي الحطاب عن ابن عرفة: ولبسُ المخيط الممنوع لبسَ الجائز جائز. وإن بنسخ؛ يعني أنه لا فرق في منع المحيط للمحرم بين ما كان محيطا بسبب خياطة، وبين ما هو محيط بسبب غيرها كنسج، بأن ينسج محيطا كدرع الحديد، فإن العرب سمته نسجا أو ملصق بعضه ببعض، وكجلد حيوان سلخ بغير شق.

واعلم أنه لا خصوصية لدرع الحديد بذلك، فقد قال الشيخ إبراهيم الشبراخيتي: قد شاهدنا بعض الحياكين ينسج الثوب والسراويل على هيئتها، أو زر؛ يعني أنه يحرم على الرجل ما أحاط بعضو من أعضائه فأكثر بسبب زر؛ بأن يكون الثوب مفتحا ويقفله عليه بالأزرار. أو عقد يعني أنه يحرم على الرجل ما أحاط بعضو من أعضائه فأكثر بسبب عقد؛ أي ربطه عليه أو تخليل بعود كما في العتبية، وأما الخيط -الحال أنه لم يحط- فلا يحرم على المحرم كالإزار المرقع برقاع، والبردة الملفقة بفلقتين.

والحاصل أن الرجل لا يلبس ما يمسك بنفسه بخياطة أو غيرها، وإذا لبس الرجل ما ذكر مما يحرم عليه فالفدية، وقال الشيخ زروق في شرح الرسالة: والتجرد عن المخيط بفتح الميم والمعجمة