للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلو أن رجلا جاهلا رأى هذا الثوب لقال إن طلحة بن عبيد الله قد كان يلبس الثياب الصبغة في الإحرام، فلا تلبسوا أيها الرهط شيئا من هذه الثياب المصبغة (١)). قاله الحطاب. ناقلا له عن صاحب الطراز، والمصبوغ بالمدر هو المشق: ونقل الحطاب أيضا عن صاحب الطراز أن المعصفر النافض منعه مالك وأبو حنيفة، وجوزد الشافعي وابن حنبل ولم يرياه من الطيب، واختلف أصحابنا في منعه هل هو منع تحريم أو كراهة -أعني المفدم المشبع- إذا كان ينتفض على الجسد؟ قال في المعونة: من أصحابنا من يوجب فيه الفدية، فعلى هذا يكون من محظورات الإحرام، وقال أشهب: ألا فدية على من لبسه من رجل أو امرأة، وقد أساء وهو الظاهر؛ لأنه لا يعد طيبا كسائر ألوان الحمرة والصفرة اعتبارا بما لا ينتفض، وأبو حنيفة يجعله طيبا، ولا يوجب فيه فدية إذا لم ينتفض. انتهى.

وقال ابن عبد السلام: لما ذكر كراهة المصبوغ لمن يقتدى به، ولهذا قال غير واحد من أهل المذهب وغيرهم: إن العالم المقتدى به يترك من المباح ما يشبه الممنوع مما لا يفرق بينهما إلا العلماء ليلا بقتدي به في ذلك من لا يعرفه، وإن لم يلزم غيره المكف عنه. انتهى. قلت: والظاهر أن أمر العالم بذلك أمر ندب لا إيجاب كما يفهم من هذه المسألة. والله أعلم. قاله الحطاب. وفيه أن المصبوغ بالطيب أو بما في معنى الطيب يرجع في العادة إلى ثلاثة أصباغ: الزعفران والورس والعصفر: وفيه أيضا عن المدونة أنه لا بأس أن يحرم الرجل في البَرَّ كان والطيالسة الكحلية وفي جميع ألوان الثياب، إلا المعصفر المفدم الذي ينتفض وما صبغ بالورس والزعفران، ولا بأس بالورد والمشق. انتهى. والبركان بفتح الوحدة وتشديد الراء مثل الأكسية، وأهل اللغة يقولون: ثوب بركاني، وقال ابن عرفة: إن المصبوغ بالورد كالمصبوغ بالورس وهو غير ظاهر؛ لأن الورس من الطيب المؤنث والورد من الطيب المذكر: والظاهر أن يفصل فيه كما فصل في المصبوغ بالعصفر بين المفدم وغيره والله أعلم. قاله الحطاب.

الثالث: قال الحطاب بعد جلب كثير من النقول: فتحصل من هذا أن البياض أفضل من كل شيء سواه وأن المصبوغ بغير طيب ولا يشبه لون صبغه لون مصبوغ بالطيب جائز لمن يقتدى به


(١) الموطأ، كتاب الحج: الحديث ٧١٨.