للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كالبول أو مما نجاسته مخففة كالدم والقيح إما مثلها أو أولى، ووقع في عبارة بعضهم التعبير بالنجاسة وهو ظاهر انتهى. فإن وقع بجملته في قذر لم يعف عما أصابه حيث زاد على أثر أرجله وفمه، وكلام المص في ذباب صغير، وأما الكبير فوقوعه على الآدمي نادر كالنمل فلا يعفى عن أثرها كأثر نحو بنات وردان وزنبور ونحل، وإذا تحقق وصول أثر نجاسة لثوب أو بدن وشك هل ذلك من ذباب صغير أو من غيره، أو شك هل هو من فيه أو من رجله أو من وقوعه بجملته في القذر فالظاهر عدم العفو، والعفو في كلام المص خاص بالصلاة، وأما الطعام فلا لقوله: "وينجس كثير طعام مانع بنجس قل"، وقوله: "وأثر ذباب" سواء كان في موضع يكثر فيه الذباب أم لا، وورد في الحديث (أن في أحد جناحية -أي الذباب- داء وفي الآخر شفاء فإذا وقع في إناء أحدكم سم فليغمسه كله) (١)، وفي رواية (أنه يتقي بالذي فيه الداء) (٢)، ولم يقع في شيء من الطرق تعيين الجناح الذي فيه الشفاء من غيره، لكن ذكر بعض العلماء أنه تأمله فوجده يتقي بجناحه الأيسر، فعرف أن الأيمن هو الذي فيه الشفاء. وأخرج أبو يعلى عن ابن عمر مرفوعا: (عمر الذباب أربعون يوما (٣)، والذباب كله في النار إلا النحل) (٤) وسنده لا بأس به قال الحافظ (٥): كونه في النار ليس لتعذيبه بل ليعذب به، ويتولد من العفونات، ومن عجيب أمره أن رجيعه على الثوب الأسود أبيض وبالعكس، وأكثر ما يكون في أماكن العفونات، ويبتدأ خلقه منها ثم يتوالد، وهو أكثر الطيور سفادا، وربما بقي عامة اليوم على الأنثى. ويحكى أن بعض الخلفاء سأل الشافعي لأي علة خلق الذباب فقال: مذلة للملوك، وكانت ألحت عليه ذبابة قال الشافعي: سألني ولم يكن عندي جواب فاستنبطت ذلك من الهيئة الحاصلة رحمة الله ورضوانه عليه، قاله الشيخ الحطاب والشيخ إبراهيم.


(١) إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه فإن في أحد جناحية داء وفي الآخر شفاء. البخاري في صحيحه، كتاب الطب، رقم الحديث: ٥٧٨٢.
(٢) إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه فإن في أحد جناحية داء وفي الآخر شفاء وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء فليغمسه كله. أبو داود في سننه، كتاب الأطعمة، رقم الحديث: ٣٨٤٤.
(٣) الذي في فتح الباري: ليلة ج ١٠ ص ٢٥٠.
(٤) عمر الذباب أربعون ليلة، والذباب كله في النار إلا النحل. المطالب العالية، ج ٢ ص ٢٩٦. وفتع الباري، ج ١٠ ص ٢٥٠.
(٥) الذي في فتح الباري: الجاحظ. ج ١٠ ص ٢٥٠.