للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والشرك والشبكة، وقوله: "بسلاح"، يمكن رجوعه لأنواع الذكاة الثلاثة على سبيل تنازع المصادر الثلاثة. قاله الشيخ عبد الباقي. قال: ولا يبعده اختصاص الأخير بقوله: وحيوان علم، "الواو" بمعنى: أو كما في الخرشي؛ يعني أنه لابد في العقر من أن يكون بسلاح محدد كما مر، أو بحيوان معلم بالفعل ولو من نوع ما لا يقبل التعليم كأسد ونمس ونمر، ولو كان طبع المعلم الغدر كدب فإنه لا يمسك إلا لنفسه، والدب بضم الدال المهملة وتشديد الباء الوحدة: سبع معروف، جمعه أدباب ودببة كعنبة، والمعلم طيرا أو غيره هو الذي إذا أرسل أطاع وإذا زجر انزجر، إلا البازي فلا يشترط فيه الانزجار؛ لأنه لا ينزجر وعصيان العلم مرة لا يخرجه عن كونه معلما، كما لا يكون معلما بطوعه مرة، بل العرف في ذلك كاف والكلب الأسود وغيره في التعليم سواء، وقال من لا يعلم: إذا أصاب بكلب أسود لا يؤكل، ولعله لقوله صلى الله عليه وسلم: (الكلب الأسود شيطان (١)) وهذه سخافة، وإنما اشترط في الحيوان التعليم، لقوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ}.

ابن حبيب: والتكليب التعليم، وقيل التسليط، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل مما أمسك عليك) (٢) وما مر من أن العلم هو الذي إذا أرسل أطاع وإذا زجر انزجر إلا البازي. قاله غير واحد. وقال الشيخ الأمير: علم بأن يطيع إذا أرسل، وفي شرط انزجاره قولان الأصح عدمه في الطير وغيره. انتهى. وفي الخرشي: واستقرأ اللخمي عدم اشتراط الانزجار من قولها: إذا غلبته الجوارح ولم يقدر على خلاصه حتى فات بنفسه أكل، ورد بأنه لم يقصد فيها بيان حكم التعليم إنما قصد بيان العذر المانع من التذكية. انتهى. ونفي التحديد في الطوع والانزجار هو الجاري على المذهب، وحده أبو حنيفة بمرتين. ابن بشير: إنما يقال كل ما يمكن من التعليم فهو شرط: والقصد انتقال الجارح عن طبعه حتى يصير للصائد كالآلة المستعملة؛ لأن الله تعالى إنما اشترط التعليم ولم يقم دليل على وجه خاص، وما كان كذلك إنما يميزه العرف. قاله الخرشي. وفيه عن ابن بشير: لا يعتبر شرط الانزجار في الطير اتفاقا


(١) مسلم رقم الحديث ٢١٠.
(٢) مسلم رقم الحديث ١٩٢٩.