مفازة أو عمران، واستدل به بعض شراح المدونة على أن صاحب الدار الخراب لا يستحق ما فيها من الصيد. انتهى. وفي حاشية الشيخ بناني أنه بحث في هذا الاستدلال، وأنه لا فرق بين الدار المسكونة والخراب، وقوله: كالدار، يشمل ما إذا اضطر الصيدَ إلى دخول الدار الجارحُ أو الحيوانُ المعلَّم أو الصائد، وفي المدونة: فإن اضطره هو أو جارحه إليها فهو له. انتهى.
وضمن مار أمكنته ذكاته؛ يعني أن من رمى صيدا أو أرسل عليه جارحه فمر به إنسان وقد أصابه السهم أو الجارح ولم يكن منفوذ المقاتل، وأمكن المار ذكاته بأن رآه وكان معه آلة وكان ممن تؤكل ذكاته، وترك تذكيته حتى مات، فإن المار يضمن قيمته للصائد مجروحا، ويحرم أكل الصيد حينئذ على المنصوص لتنزل المار منزلة الصائد، والصائد لو أمكنته ذكاته وفرط حتى مات لم يأكله، وأجرى ابن محرز وبعض المتأخرين في تضمينه قولين من الخلاف في الترك، هل هو كالفعل أم لا؟ أي هل تركه الذكاة كفعل التفويت أم لا؟ وعلى نفي الضمان فيأكله ربه؟ فمقابل المنصوص أنه يؤكل ولا ضمان على المار، كما في الحطاب أنه يضمن.
قوله:"وضمن مار"؛ أي ولو كان المار صبيا، وظاهر المص أنه يضمن ولو أكله مالكه معتقدا حليته وهو كذلك. قاله الشيخ علي الأجهوري. واستظهر بعض شيوخ أحمد أنه لا ضمان عليه؛ لأنه حلال في الظاهر وينبغي اعتماده، والظاهر أن الكتابي المار لا يضمن إلا على القول بصحة ذكاته للمسلم كما قاله الشيخ محمد بن الحسن. واحترز المص بقوله:"أمكنته ذكاته"، مما إذا لم ير المار الصيد، أو رآه ولم تكن معه آلة، أو كان المار ممن لا تؤكل ذبيحتهم كمجوسي ومرتد ونحوهما، فإن الصيد يؤكل ولا شيء على المار بتركه، بل يضمن المار بذكاته حينئذ إلا أن تقوم له بينة على إنفاذ المقاتل قبل تذكيته.
وعلم من المص أنه لو مر به من أمكنته ذكاته ولم يخلصه من الجارح مع قدرته على ذلك لم يؤكل وعليه قيمته مجروحا، وكلام المص في الصيد، وأما غيره فإن كانت له فيه أمانة برعاية فسيقول المص:"وصدق إن ادعى خوف موت فنحر"؛ أي أو ذبح، وإن كانت بكوديعة ضمنة بذبحه إلا لقرينة على صدقه وإن لم تكن له فيه أمانة فإن ذكاه ضمنه، ولا يقبل منه أنه خاف عليه الموت ما لم يقم دليل على صدقه.