وقتل أحدهما حيث كان إنما يثبت الحق بشاهدين، فإن كان يثبت بشاهد ويمين فقتل أحد الشاهدين كذلك؛ لأن ربه يقول للقاتل: أحوجتني لليمين وقد كنت غنيا عنها، هذا هو الظاهر، لأن اليمين كلفة وبعض العلماء لا يراها. قاله الشيخ الأمير. فإن كان الحق يثبت بشاهد ويمين، وكان عليه شاهد واحد فقط فقتله فهو كقتل الشاهدين بالحق. والله أعلم انظر حاشية الشيخ محمد بن الحسن، وقال الشيخ الأمير عاطفا على ما فيه الضمان: وبقتل شاهد لا يثبت الحق إلا به على الراجح، وهل يضمن الحق الذي يثبت بشاهد ويمين بقتل أحد الشاهدين وهو الظاهر لأنه كلفة لا يقبلها بعضهم. اهـ.
تنبيه: يعلم كون المقتولين شاهدي حق بإقرار القاتل بذلك، وبشهادة اثنين بأنهما شاهدا حق حيث لا يشهد إلا اثنان به لعدم علمهما بقدره مثلا، ومن فروع هذه المسائل المذكورة: من حل قيد عبد أو فتح على غير عاقل أو أخفى غريما عن غريمه أو أطلق السجان الغريم، وأخذ ابن عرفة من ذلك ضمان من سقى دابة رجل واقفة على بير فذهبت. المشدالى: وهو بين إن كانت لو لم تشرب لم تذهب ولا يخشى موتها من العطش، وفي ضمانها إن خشي موتها من العطش نظر. انتهى. قاله الحطاب. وقد مر.
وترك مواساة وجبت؛ يعني أن الضمان يثبت على الشخص بسبب ترك المواساة الواجبة لمن اضطر إليها، والمواساة هي الإعطاء والإنالة، فمما تجب فيه المواساة أن يكون إنسان قد حصل به جرح جائفة أو غيرها فيمسك عنه آخر خيطا أو مخيطا معه، والممسك مستغن عن ذلك حالا ومثالا أو محتاج له لثوب أو لدابة لا يموت الممسك بموتها فأمسك ذلك عنه حتى مات، ولو خيط لسلم، وإلى هذا أشار بقوله: بخيط لجائفة؛ والضمان هنا أن تكون الدية على العاقلة، وقوله:"بخيط" يتعلق "بمواساة"، كأنه أشرب معنى المحاباة أو الدفع أي دفع الضرر. والله سبحانه أعلم.
وبما قررت علم أنه لا مفهوم للجائفة عن غيرها من الجراح، وقال الشيخ الأمير: وترك مواساة بفاضل عما به حياته كعياله من خيط لجرح. انتهى. وعبارة الشيخ عبد الباقي: وكل جرح يخشى منه الموت كالجائفة. انتهى. فإن اضطر رب ما ذكر له في نفسه أو دابة يموت بموتها لم