للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غسلها في الصورتين على المشهور بل النضح في الأولى فقط، وقوله: "ورجل بلت" الرخصة هنا فيه أن يجتزئ بمسح الأرض عن غسل الماء كما في الحديث (إذا وطئ أحدكم برجله الأذى فإن التراب له طهور)، وقوله: "ورجل بلت" أصله ما في سماع أشهب: سئل مالك عن الرجل يتوضأ ثم يطأ الموضع القذر الجاف. قال: لا بأس بذلك، وقد وسع الله على هذه الأمة ثم تلا {ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به}. انتهى. وفيه ثلاث تأويلات: أحدها لابن رشد معناه أنه موضع قذر لا يوقن بنجاسته، فحملها على الطهارة؛ لأن الاحتراز من مثل هذا يعسر، فهو من الحرج الذي رفعه الله، ولو أيقن بنجاسته لوجب أن يغسل رجليه؛ لأن النجاسة تتعلق بهما وإن كانت يابسة لأجل بللهما، وحمل غير ابن رشد الرواية على أن الموضع نجس، ثم اختلفوا فقال ابن اللباد: وذلك إذا مشى بعد ذلك على أرض طاهرة كمسألة الذيل وهذا ثاني التأويلات، وقال اللخمي: إنما أراد مالك إذا رفع الرجل بالحضرة بحيث لا ينماع من النجاسة إلا شيء يسير فهو محل العفو وهذا هو ثالث التأويلات. وفي كلام سند ميل لكلام ابن اللباد، وذكر المازري عن بعضهم أنه علل ذلك بأن الماء يدفع عن نفسه فلا ينجسة إلا ما غيره، ولا يتحلل من النجاسة ما يغير أجزاء الماء الباقي في رجليه، فلما اجتمع هؤلاء الشيوخ كلهم على حمل الرواية على أن المراد بالقذر النجس، وإنما اختلفوا في توجيه ذلك تبعهم المص، واقتصر على تأويل ابن اللباد، لاقتصار ابن يونس وجماعة عليه. قاله الحطاب وخف ونعل من روث دواب أو بولها يعني أن الخف والنعل إذا تنجسا من روث الدواب وأبوالها فإنه يعفى عن غسلهما إن دلكا، يعني أنه إنما يعفى عن غسلهما بشرط الدلك، والدلك هو المسح بتراب أو خرق أو غيرهما والأفضل التراب لخبر (إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى فإن التراب له طهور) (١) رواه أبو داود قاله الحطاب والشبراخيتي، وشرط الدلك أن لا يبقى بعده شيء يخرجه المسح لعدم بقاء شيء من العين كحجر الاستجمار، ولا يشترط زوال الريح، ومثل الدلك جفافهما بحيث لم يبق شيء يخرجه المسح بحيث لم تبق له عين، وظاهر المص أن العفو بالنسبة للصلاة وغيرها كدخول مسجد به، ومكثه


(١) أبو داود في سننه، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٣٨٥.